الصّنو يحيى ـ مدّ الله حياته ، وحرس من الحوادث ذاته ـ من خطاب ارتشف به لهذه القريحة بلالتها ، (١) بعد أن رضي علالتها ، (٢) ورشح إلى الصهر الحضرمي سلالتها (٣) ؛ فلم يسع إلا إسعافه ، بما أعافه ، فأمليت مجيبا ، ما لا يعدّ في يوم الرّهان (٤) نجيبا ، (٥) وأسمعته وجيبا ، لمّا ساجلت بهذه التّرّهات (٦) سحرا عجيبا ، حتّى إذا ألف القلم العريان (٧) سبحه ، (٨) وجمح برذون الغزارة فلم أطق كبحه ، (٩) لم أفق من غمرة غلوّه وموقف متلوّه ، إلا وقد تحيّز إلى فئتك ، معتزّا بل معترّا ، (١٠) واستقبلها ضاحكا مفترّا ، (١١) وهشّ لها برّا ، وإن كان من الخجل مصفرّا ، وليس بأول من هجر ، (١٢) في التماس والوصل ممّن هجر (١٣) أو بعث التّمر إلى هجر ، (١٤) وأيّ نسب بيني اليوم وبين زخرف الكلام ، وإجالة جياد الأقلام ، في
__________________
(١) البلالة : البلل ، وبقية الشيء.
(٢) العلالة : ما يتعلل به ، وبقية الشيء.
(٣) السلالة : الولد.
(٤) الرهان : المسابقة على الخيل وغيرها.
(٥) النجيب ، من الإبل وغيرها : الكريم الحسيب.
(٦) الترهات : أصلها الطرق الصغار غير الجادة ؛ ثم استعيرت للأباطيل والأقاويل الخالية من الطائل.
(٧) يريد أنه متجرد مما يعوقه عن الجري.
(٨) السبح : الجرى.
(٩) كبح الفرس وغيره : منعه من سرعة السير.
(١٠) المعتر : الفقير ، والمتعرّض للمعروف من غير أن يسأل.
(١١) المفتر : الذي يضحك ضحكا حسنا ؛ يبدي أسنانه من غير قهقهة.
(١٢) هجر : هذى في كلامه وخلط.
(١٣) من الهجر ضد الوصل.
(١٤) هجر : بلد بالبحرين ؛ وفيها ورد المثل الذي يشير إليه الخطيب : «كجالب التمر إلى هجر» ، أو «كمبضع التمر إلى هجر». وانظر مجمع الأمثال ٢ / ٦٦٦.