إلى السّلطان عبد العزيز فأنفذ من وقته سرية (١) من تازا (٢) تعترضني لاسترجاع تلك الوديعة ، واستمرّ هو إلى تلمسان ، ووافتني السرية بهنين وكشفوا الخبر فلم يقفوا على صحته ، وحملوني إلى السّلطان ، فلقيته قريبا من تلمسان ، واستكشفني عن ذلك الخبر ، فأعلمته بيقينه. وعنّفني على مفارقة دارهم ، فاعتذرت له بما كان من عمر بن عبد الله المستبدّ عليهم ، وشهد لي كبير مجلسه ، ووليّ أبيه وابن وليّه : ونزمار بن عريف ، ووزيره عمر بن مسعود بن منديل بن حمامة ، واحتفّت الألطاف. وسألني في ذلك المجلس عن أمر بجاية ، وأفهمني أنه يروم تملّكها. فهوّنت عليه السبيل إلى ذلك ، فسرّ به ، وأقمت تلك الليلة في الاعتقال. ثم أطلقني من الغد ، فعمدت إلى رباط الشيخ الولي أبي مدين ، ونزلت بجواره مؤثرا للتّخلّي والانقطاع للعلم لو تركت له.
__________________
(١) السرية : قطعة من الجيش. ويقال : خير السرايا أربع مئة.
(٢) تازا (تازة) Taza) عرضها الشمالي ٤ ـ ٣٤ ، وطولها الغربي ٤) : مدينة في المغرب الأقصى ، تبعد عن فاس نحو الشرق ١٢٧ كيلو مترا ؛ وهي إحدى المدن الحربية القديمة بالمغرب ؛ أسست قبل الفتح الإسلامي بكثير. ولمكانتها الحربية اتخذها الحسن بن إدريس الثاني مقرّا حربيا ، وعنى بها عبد المؤمن الموحدي فجعلها حصنا مانعا ، وفي أيام المرنيين اتخذها أبو يعقوب المريني عاصمته ، وقاعدة لغزو تلمسان ، ولا تزال حتى اليوم مركزا حربيا يحسب له حسابه. وقد نسب إلى تازا علماء كثير. انظر تاج العروس ٤ / ١٢.