على حظّ وافر ، وأجزل إحسانه ، ونوّه بجرايته ، وأثبت الفرسان خلفه. والحمد لله انتهى.
ثم اتّصل مقامي ببسكرة ، والمغرب الأوسط مضطرب بالفتنة المانعة من الاتّصال بالسّلطان عبد العزيز ، وحمزة بن علي بن راشد ببلاد مغراوة ، والوزير عمر بن مسعود في العساكر يحاصره بحصن تاجحمومت ، وأبو زيّان العبد الوادي ببلاد حصين ، وهم مشتملون عليه وقائمون بدعوته.
ثم سخط السّلطان وزيره عمر بن مسعود ، ونكر منه تقصيره في أمر حمزة وأصحابه ، فاستدعاه إلى تلمسان ، وقبض عليه ، وبعث به إلى فاس معتقلا ، فحبس هناك ، وجهّز العساكر مع الوزير أبي بكر بن غازي ، فنهض إليه ، وحاصره ففرّ من الحصن ، ولحق بمليانة مجتازا عليها ، فأنذر به عاملها فتقبّض عليه ، وسيق إلى الوزير في جماعة من أصحابه ، فضرب أعناقهم ، وصلبهم عظة ومزدجرا لأهل الفتنة.
ثم أوعز السّلطان إلى الوزير بالمسير إلى حصين ، وأبي زيّان ، فسار في العسكر ، واستنفر أحياء العرب من زغبة فأوعبهم ، ونهض إلى حصين ، فامتنعوا بجبل تيطري ، ونزل الوزير بعساكره ومن معه من أحياء زغبة على الجبل تيطري من جهة التل ، فأخذ بمخنّقهم ، وكاتب السّلطان أشياخ الدّواودة من رياح بالمسير إلى حصار تيطري من جهة القبلة. وكاتب أحمد بن مزنى صاحب بسكرة بإمدادهم بأعطياتهم وكتب إليّ يأمرني بالمسير بهم لذلك ، فاجتمعوا عليّ ، وسرت بهم أول سنة أربع وسبعين ، حتى نزلنا بالقطفة ، (١) ووفدت ، في جماعة منهم ، على الوزير بمكانه من حصار تيطري ، فحدّ لهم حدود الخدمة ، وشارطهم على الجزاء. ورجعنا إلى أحيائهم بالقطفة ، فاشتدّوا في حصار الجبل ، وألجؤوهم بسوامهم (٢) وظهرهم (٣) إلى قنّته ،
__________________
(١) تقع القطفة شرقي مدينة مليانة ؛ وفي بغية الرواد ٢ / ٨١ : «... نزلوا القطفة من بلاد حصين ، فرحل مشرقا إليهم ، ونزل مليانة».
(٢) السوام ، والسائمة : الإبل الراعية ، والمال الرّاعي.
(٣) الظهر : الركاب التي تحمل الإنسان في السفر.