والصلاة والسلام على سيّدنا ومولانا محمّد رسوله سراج الهداية ونبراسها (١) عند اقتناء الأنوار واقتباسها ، مطهّر الأرض من أوضارها وأدناسها ، ومصطفى الله من بين ناسها ، وسيّد الرّسل الكرام ما بين شيثها وإلياسها ، الآتي مهيمنا على آثارها ، في حين فترتها (٢) ومن بعد نصرتها واستيئاسها ، (٣) مرغم الضّراغم في أخياسها ، (٤) بعد افترارها وافتراسها ، (٥) ومعفر أجرام الأصنام ومصمت أجراسها.
والرضا عن آله وأصحابه وعترته وأحزابه ، حماة شرعته البيضاء وحرّاسها ، وملقحي غراسها ، ليوث الوغى عند احتدام (٦) مراسها ، (٧) ورهبان الدّجى تتكفّل مناجاة السّميع العليم ، في وحشة الليل البهيم بإيناسها ، وتفاوح نسيم الأسحار ، عند الاستغفار ، بطيب أنفاسها.
والدّعاء لخلافتكم العلية المستنصرية بالصّنائع التي تشعشع أيدي العزّة القعساء (٨) من أكواسها ، ولا زالت العصمة الإلهية كفيلة باحترامها واحتراسها ، وأنباء الفتوح ، المؤيّدة بالملائكة والرّوح ، ريحان جلاسها وآيات المفاخر التي ترك الأول للآخر ، مكتتبة الأسطار بأطراسها ، وميادين الوجود مجالا لجياد جودها وباسها ، والعزّ والعدل منسوبين لفسطاطها (٩) وقسطاسها ، وصفيحة (١٠) النصر العزيز تقبض
__________________
(١) النبراس (بالكسر) : المصباح.
(٢) الفترة : ما بين كل نبيين ، أو رسولين من زمان انقطعت فيه الرسالة.
(٣) استيأس : يئس ؛ وابن الخطيب ينظر إلى الآية : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا ...).
(٤) جمع خيس ؛ وهو موضع الأسد.
(٥) افتر الأسد : أبدى أسنانه ؛ يريد بعد أن كانت تفتر عن أسنانها وتفترس.
(٦) الاحتدام : شدة الحر ، واحتدمت النار : التهبت.
(٧) المراس : المضاربة.
(٨) عزة قعساء : ثابتة.
(٩) الفسطاط : المدينة ، ومجتمع أهل المصر حول جامعهم.
(١٠) الصفيحة : السيف العريض.