قسمة محرّم اللّحم ، بين منخنقة (١) ونطيحة (٢) ومتردّية (٣) وموقوذة ، (٤) وحفظ هلاله في البدار (٥) إلى تمّه وبعد تمّه ، وأقرّ به عين أبيه وأمّه ، غير أنّي ـ والله يغفر لسيّدي ـ بيد أنّي راكع في سبيل الشّكر وساجد ، فأنا عاتب وواجد ، إذ كان ظنّي أنّ البريد بهذا الخبر إليّ يعمل ، وأنّ إتحافي به لا يهمل ، فانعكست القضيّة ، ورابت الحال المرضيّة ، وفضلت الأمور الذّاتية الأمور العرضيّة ، والحكم جازم ، وأحد الفرضين لازم ، إما عدم السّوية ، (٦) ويعارضه اعتناء حبله مغار ، (٧) وعهدة سلم لم يدخلها جزية ولا صغار ، أو جهل بمقدار الهبة ، ويعارضه علم بمقدار الحقوق ، ورضى مناف للعقوق ، فوقع الإشكال ، وربّما لطف عذر كان عليه الاتكال. وإذا لم يبشّر مثلي بمنحة الله قبل تلك الذّات السّرية ، الخليقة بالنّعم الحرية ، فمن الذي يبشّر ، وعلى من يعرض بزّها (٨) أو ينشر ، وهي التي واصلت التّفقّد ، (٩) وبهرجت (١٠) المعاملة وأبت أن تنقد ، وأنّست الغربة وجرحها غير مندمل ، (١١) ونفّست الكربة وجنحها (١٢) على الجوانح (١٣) مشتمل ، فمتى
__________________
(١) المنخنقة : الشاة ، وغيرها ؛ تخنق بحبل أو غيره.
(٢) النطيحة. الشاة تنطحها الأخرى بقرونها ؛ فعيلة بمعنى مفعولة.
(٣) المتردية : الساقطة من جبل ، أو في بئر.
(٤) الموقوذة : المقتولة ضربا بالخشب أو بالحجر. وكل هذه الأصناف قد حرّم أكله القرآن على المسلم.
وانظر الآية رقم ٣ من سورة المائدة ، وأحكام القرآن لابن العربي ١ / ٢٣٢ ، ٢٢٣.
(٥) يدعو له بأن يصاحبه الحفظ في سائر أطوار نموّه إلى أن يكتمل.
(٦) السوية : العدل ، والنصفة.
(٧) حبل مغار : محكم الفتل.
(٨) البز : الثياب.
(٩) التفقد : التعرف لأحوال الناس ، وتعهدها.
(١٠) بهرج : عدل عن الطريق المسلوك.
(١١) اندمل الجرح : برئ.
(١٢) الجنح : الظلمة.
(١٣) الجوانح : الضلوع تحت الترائب مما يلي الصدر.