عذرا فقد طمس الشّباب ونوره |
|
وأضاء صبح الشّيب عند طموس |
لو لا عنايتك التي أوليتني |
|
ما كنت أعنى بعدها بطروس |
والله ما أبقت ممارسة النّوى |
|
منّي سوى مرس أحمّ دريس (١) |
أنحى الزمان عليّ في الأدب الذي |
|
دارسته بمجامع ودروس |
فسطا على وفري وروع مأمني |
|
واجتثّ من دوح النشاط غروسي |
ورضاك رحمتي التي أعتدّها |
|
تحيي منى نفسي وتذهب بوسي |
ثم كثرت سعاية البطانة بكلّ نوع من أنواع السعايات ، وابن عرفة يزيد في إغرائهم متى اجتمعوا إليه ، إلى أن أغروا السّلطان بسفري معه ، ولقّنوا النائب بتونس القائد فارح من موالي السّلطان أن يتفادى من مقامتي معه ، خشية على أمره مني بزعمه ، وتواطؤوا على أن يشهد ابن عرفة بذلك للسّلطان ، فشهد به في غيبة مني ، ونكر السّلطان عليهم ذلك ، ثم بعث إليّ وأمرني بالسفر معه ، فسارعت إلى الامتثال ، وقد شقّ ذلك عليّ ، إلا أنّي لم أجد محيصا عنه ، (٢) فخرجت معه ، وانتهيت إلى تبسة ، وسط تلول إفريقية ، وكان منحدرا في عساكره وتواليفه من العرب إلى توزر ، لأن ابن يملول كان أجلب عليها سنة ثلاث وثمانين ، واستنقذها من يد ابنه ، فسار السّلطان إليه ، وشرّده عنها ، وأعاد إليها ابنه وأولياءه. ولما نهض من تبسه ، رجّعني إلى تونس ، فأقمت بضيعتي الرّياحين من نواحيها لضمّ زروعي بها ،
__________________
(١) المرس (بفتح الميم والراء) : الحبل. والأحم : الأسود. والدريس : الخلق.
(٢) الزيادة عن طب.