إلى ما قبل وفاته بشهور.
ويقوم هذا التصنيف على أن هناك أمّا أولى لهذه النسخ جميعا ، وهي التي قدمها ابن خلدون لأبي العباس الحفصي بتونس (١) ، وعنها يتفرع سائر الأصول التي تتمثل في مجموعات يسهل تصور انحدارها عن أصولها وأمهاتها من الرسم التالي.
والأصل الحديث من هذه الأصول هو الذي بقى بين يدي ابن خلدون حتى الأيام الأخيرة من حياته ، فظل التنقيح يلاحقه ، وحياة ابن خلدون ـ بما امتدت ـ تضيف إليه الجديد من الأحداث ، وبذلك أصبح ناسخا للأصول قبله ، معبرا عن الرأي الأخير الكامل للمؤلف في هذا الكتاب.
ومن هنا كان البحث عن الأصول الأخيرة أساسا أوليا لنشر هذا الكتاب ، وكانت الأصول القديمة ، والمتوسطة ـ على الرغم من أنها أصول مباشرة للكتاب إلى حد كبير ـ ، قد نسخها ما جاء بعدها من الأصول ، وأصبحت الاستعانة بها لا تتجاوز مواطن الاتفاق بين الأصول ، أما حين تختلف ، فإن المقدم فيها لا محالة هي هذه الأصول الحديثة.
وقد حفظت مكتبتا «أيا صوفيا» و «أحمد الثالث» باستانبول نسختين قيّمتين من هذا الكتاب ، كانت كل واحدة منهما نسخة المؤلف ، فكانتا معا من أوثق ما وصل إلينا من نسخه.
نسخة أيا صوفيا : (رقم ٣٢٠٠ ، ٨٣ ق ، ٢٥٩* ١٨٥ مم ، س ٢٥ ، ٢٨) تقع في جزء مستقل ، وخطها نسخ جميل ، والقسم الأول منها (ويتمثل في الأوراق ١ ـ ٤١ أ، ٤٩ ب ـ ٥٩ أ، ٦٠ ب ٦٣ أ) يختلف خطه عن القسم الباقي من الكتاب لاختلاف الناسخ نفسه ، وعدد سطور هذا القسم ٢٥ سطرا ؛ ويتماز هذا القسم بعناية ناسخه
__________________
(١) لا أعرف عن هذه الأم شيئا غير كلمة ذكرها المرحوم نصر الهوريني في حاشية له على صيغة الإهداء ل «مقدمة» ابن خلدون طبع بولاق سنة ١٢٧٤.
ولهذا جعلت الخط الذي يصل مجموعة النسخ القديمة بهذه الأم شعاعيا إشارة إلى انقطاع الصلة بيننا وبينها.