بإعجام ما حقّه أن يعجم من الحروف ، وحظي بعناية بالغة من المؤلف ، فشكّل بالحركات بخطّه ما رأى أنه محتاج إلى الضبط والتقييد من الكلمات ، ولا سيما الأمكنة والأعلام المغربية.
أما القسم الثاني من النسخة (وعدد سطوره ٢٨) ، فقاعدة ناسخه أن لا يعجم من الحروف إلا النادر ، والمؤلف حينما قرأ هذا القسم لم يعن بالإعجام والضبط عنايته بالقسم الأول ، وإنما وقف عند كلمات رأى الحاجة فيها ماسة إلى ضبطها بالحركات فقيّدها.
على أنه في القسمين معا ، بدا له في كلمات أن غيرها يصح أن يقوم مقامها ، أو أن غيرها أصح منها ، فكتب الكلمة في الحاشية بخطه ، وفوقها حرف «خ» أو «صح» أو «أصح» حسبما رأى أنه الأنسب. ورأى أن كلمات بالمتن محتاجة إلى بيان فكتبها مرة أخرى بالحاشية مستقلة ، ووضع فوقها علامة البيان «ب».
ولم أعرف من أمر ناسخ القسم الأول إلا أنه كتب كثيرا لابن خلدون ، أما القسم الثاني فإن الناسخ ـ وإن لم يسمّ نفسه في آخر هذا الكتاب ـ قد أمكنت معرفته بمقارنة خط هذا القسم بخط «المقدمة» المحفوظة بمكتبة «يني جامع» تحت رقم ٨٨٨ ، وهو عبد الله بن حسن الشهير بابن الفخار ، ويظهر من الخاتمة التي ختم بها نسخة «المقدمة» المذكورة ـ وقد كتبها لنفسه ـ أنه كان على صلة وثيقة بابن خلدون ، وأنه كان من المعجبين به ؛ والذي يتصفح ما كتبه لابن خلدون ـ وهو كثير ـ لا يتردد مطلقا في الحكم بأنه كان من أهل العلم بين الناسخين ؛ فأخطاؤه نادرة جدا ، وقاعدته في كتابته ـ على الرغم من عدم إعجامه للحروف ـ محكمة مطردة قلما تتخلّف.
وقد طرأ على هذا الأصل بين ورقتي ٧٢ ، ٧٣٧ نقص مقداره ورقتان ، وهو نقص قديم فيما أعتقد ، وكل الفروع التي تفرعت عن هذا الأصل كانت مثله في هذا النقص ، ولم أعثر على فرع كتب عنه يوم كان كاملا. (١)
نسخة أحمد الثالث : [٣٠٤٢ (٤) ، ٥١ ق ٣٢٠* ٥١٥ مم ، ٣٥ سطرا].
__________________
(١) مكانه الآن في المطبوع بين ص ٣٢٤ ، ٣٣٣.