أما الأصل الثاني وهو المحفوظ في مكتبة السلطان أحمد الثالث في «طوب قبوسراي» باستانبول أيضا ، فيقع في آخر كتاب العبر متصلا به ، كتبه ابن الفخار السابق الذكر وكانت عنايته به من حيث إعجامه أكثر من عنايته بالقسم الذي كتبه من الأصل السابق ، وحظي من المؤلف بعناية طيبة ـ حيث إنه نسخته التي توفي وهي في مكتبته فيما أعتقد ـ فضبط أعلامه ، وأضاف الناقص من كلماته ، وبيّن المبهم منها على حاشية الكتاب ، وأصلح المحرّف ـ كل ذلك بخطه ، وهذا الأصل ـ فيما أعتقد ـ أحدث من سابقه صدورا عن المؤلف ؛ فقد أدخل بالصلب منه ما كان في أصل أياصوفيا ملحقا بالحاشية بخطه (١) ، وأثبت فيه نص الرّسالة التي كتبها الملك الظاهر إلى الملك أبي العباس الحفصي ، متشفعا في أولاد ابن خلدون وأهله ، راجيا منه أن يبعثهم إليه بمصر (٢) ، ولم يثبتها في أصل أيا صوفيا ولا ترك لها مكانا ؛ بل إن سياقه هنالك لا يشعر بأنه يريد إثبات نص ما في هذا السبيل ، فإدراجها في هذا الأصل ، وإضافتها إليه في ورقة ملحقة بين الورقتين (٣٢ ، ٣٣) ، جاء في وقت متأخر عن صدور أصل «أيا صوفيا».
وهو أصل عقيم لم يتفرع عنه فرع ـ فيما أعلم ـ وأغلب الظن أن أحدا لم يعرف أنه النسخة الكاملة من هذا الكتاب ، فلم يشر أحد ـ من الذين عنوا بالحديث عن مخطوطات ابن خلدون ـ إلى النسخة التي يتبعها هذا الجزء على كثرة ما تحدثوا عن نسخ ابن خلدون (٣).
__________________
(١) ورد هذا الإلحاق في لوحة ١٢ من «س» ، ويبتدئ في المطبوع من السطر الثاني من ص ٤٦ ، وينتهي بالسطر ٩ من ص ٤٦.
(٢) انظر ص ٢٤٩ ـ ٢٥٣ من المطبوع.
(٣) لا أحب أن أنسى أن الفضل في الالتفات إلى هذه النسخة يعود إلى الصديق الكريم العالم التركي الشاب فؤاد سزكين ، فله خالص شكري.