معه مماليك يدلّون بمكانهم منه ، ولهم به اختصاص ، ومنه مكان ؛ وكان رؤساء الترك يومئذ القائمون بالدولة من عهد أبيه وجدّه ، أقطاي الجمدار (١) وأيبك التركماني ، (٢) وقلاوون الصالحي ، (٣) فأنفوا من تصرفات مماليك تورنشاه ، واستعلائهم بالحظّ من السّلطان ، وسخطوهم وسخطوه ، وأجمعوا قتله. فلمّا رحل إلى القاهرة اغتالوه في طريقه بفارسكور ، وقتلوه ، ونصبوا للأمر أيبك التركماني (٤) منهم ، واستحدثوا هذه الدولة التركية كما شرحناه في أخبارها ، وهلك بعد أيبك ابنه علي المنصور ، (٥) ثم مولاه قطز ، (٦) ثم الظاهر بيبرس البندقداري. (٧) ثم ظهر أمر الطّطر ، واستفحل ملكهم ، وزحف هولاكو بن طولي ابن جنكيزخان (٨) من خراسان إلى بغداد ، فملكها ، وقتل الخليفة المستعصم آخر بني العباس ، ثم
__________________
(١) أخبار أقطاي مفصّلة في العبر ٥ / ٣٧٥. والجمدار : هو الذي يتولى إلباس السّلطان ، أو الأمير ثيابه ؛ وأصله جاما دار فحذف المدّ منه فقيل جمدار ، وهو مركب من كلمتين فارسيتين : «جاما» ، ومعناها ثوب ، و «دار» ، ومعناها : ممسك. وانظر صبح الأعشى ٥ / ٤٥٩.
(٢) في المنهل الصافي ج ١ ص ٢ (نسخة نور عثمانية) ، خطط المقريري ٢ / ٢٣٨ بولاق ترجمة وافية له.
(٣) انظر العبر ٥ / ٣٩٤ وما بعدها.
(٤) انظر تفصيل هذا في «العبر» ٥ / ٣٧٣.
(٥) انظر ترجمته في خطط المقريزي ٢ / ٢٣٨ ، بولاق ، وأخبار توليه الحكم في العبر ٥ / ٣٧٧ ، ٣٧٨.
(٦) سيف الدين قطز بن عبد الله المعزي ، تولى الملك سنة ٦٥٧ ، ولقب بالملك المظفر ، وقتله بيبرس البندقداري سنة ٦٦٨. له وقائع مع التتار في الشام ، انتصر فيها عليهم فذكرت انتصاراته الشعراء.
المنهل الصافي ٢ / ٢٠٥ (نسخة نور عثمانية) ، خطط المقريزي ٢ / ٢٣٨ بولاق ، العبر ٥ / ٣٧٨ وما بعدها.
(٧) انظر ترجمته في الخطط ٢ / ٣٠٠ ، ٢٣٨ بولاق. وخبر توليه السلطنة في العبر ٥ / ٣٨٠ ، ٣٨١.
والبندقداري : هو الذي يحمل غرارة البندق خلف السّلطان. والبندق : الذي يرمى به ، وأصله البندق الذي يؤكل ، وهو في العربية الجلوز صبح الأعشى ٥ / ٤٥٧ السلوك ص ٣٥٠.
(٨) سيبسط القول عن جنكيزخان ، وأولاده فيما بعد.