الأندلس وأمصارها ، وضاق النّطاق على العبيديّين بالقاهرة بملوك الغزّ يزاحمونهم فيها من الشام ، بمحمود بن زنكي وغيره (١) من أبنائهمو مماليكهم ، وبملوك المغرب قد اقتطعوا ما وراء الإسكندرية ، بملوك صنهاجة في إفريقية ، (٢) والملثّمين المرابطين (٣) بعدهم بالمغرب الأقصى والأوسط ، والمصامدة الموحّدين (٤) بعدهم كذلك ، وأمام الغزّ والسّلجوقية في ملك المشرق ، وبنوهم ومواليهم من بعدهم إلى انقضاء القرن السادس ؛ وقد فشل ريح الغزّ ، واختلّت دولتهم ، فظهر فيهم جنكيز خان أمير المغل من شعوب الطّطر ، (٥) وكان كاهنا ، وجدّه النجر كاهنا مثله. ويزعمون أنه ولد من غير أب ، (٦) فغلب الغزّ في المفازة ، واستولى على ملك
__________________
(١) رسمه ، على قاعدته التي قررها في أول «المقدمة» بصاد وسطها زاي إشارة إلى أن الصاد تشم ـ عند النطق بها ـ زايا. وانظر أخبار تملك محمود بن زنكي ، في تاريخ أبي الفداء ٣ / ٣٠ ، ٥٨.
(٢) يريد دولة بني زيرى الصنهاجيين ، وكانت مدة ملكهم ١٨٢ سنة (٣٦١ ـ ٥٤٣). وانظر العبر ٦ / ١٥٥ ـ ١٦١.
(٣) ابتدأ عهد دولة المرابطين في سنة ٤٦٢ ، وانتهى بانتصار الموحدين عليهم في سنة ٥٤٢. وانظر العبر ٦ / ١٨٢ وما بعدها.
(٤) هم الموحدون الذين كان ملكهم (٤١٥ ـ ٦٦٨).
(٥) ولد جنكيز خان (ويقال حنكص قان ، Cingis Khan) في سنة ٥٤٩ ، وهو من قبيلة تركية تسمى تيات من أشهر قبائل المغل ، وأكثرهم عددا ، وكان اسمه ـ حين بلغ من العمر ١٣ سنة ـ تموجين ، ثم أصاروه : «جنكيز» ، و «خان» تمام الاسم ، وهو بمعنى الملك عندهم. العبر ٥ / ٥٢٥ وما بعدها ، تاريخ جنكيزخان لوحة ٢٩٤ (نسخة دار الكتب).
(٦) ينتهي نسبه إلى : «بوذنجر بن ألان قوى» ، وألان قوى اسم امرأة هي جدتهم ، كانت متزوجة ثم مات زوجها ، وتأيّمت وحملت وهي أيم ، فنكر عليها أقرباؤها ، فذكرت أنها رأت بعض الأيام أن نورا دخل فرجها ثلاث مرات ، وطرأ عليها الحمل بعد ذلك ، وقالت إن في حملي ثلاثة ذكور ، فإن صدقت عند الوضع فذلك ، وإلا فافعلوا ما بدا لكم ؛ فوضعت ثلاثة توائم في ذلك الحمل ، فظهرت براءتها بزعمهم ، وكان ثالث التوائم «بوذنجر» جد جنكيزخان ، وكانوا يسمون التوائم الثلاث : النورانيين نسبة إلى النور المذكور ، ولذلك كانوا يقولون لجنكيز خان : ابن الشمس. العبر ٥ / ٥٢٥ وما بعدها.