خلدون هؤلاء ، ثبتوا في الجولة مع ابن عبّاد فاستلحموا في ذلك الموقف. ثم كان الظهور للمسلمين ، ونصرهم الله على عدوّهم. ثم تغلب يوسف بن تاشفين والمرابطون على الأندلس ، واضمحلّت دولة العرب وفنيت قبائلهم.
سلفه بأفريقية
ولمّا استولى الموحّدون (١) على الأندلس ، وملكوها من يد المرابطين ، وكان ملوكهم : عبد المؤمن وبنيه. وكان الشّيخ أبو حفص كبير هنتاتة زعيم دولتهم ، (٢) وولّوه على إشبيلية وغرب الأندلس مرارا ، ثم ولّوا ابنه عبد الواحد عليها في بعض أيامهم ، ثم ابنه أبا زكرياء كذلك ، فكان لسلفنا بإشبيلية اتصال بهم ، وأهدى بعض أجدادنا من قبل الأمهات ، ويعرف بابن المحتسب ، للأمير أبي زكرياء (٣) يحيى بن عبد الواحد ابن أبي حفص أيام ولايته عليهم ، جارية من سبي الجلالقة ، اتخذها أمّ
__________________
(١) تبتدئ دولة الموحدين بالمغرب سنة ٥١٤ على يد مهدي الموحدين محمد بن تومرت وتنتهي سنة ٦٦٨ ه. وامتدّ سلطانها إلى الأندلس من سنة ٥٤٠ ـ ٦٠٩ ه تقريبا انظر جذوة الاقتباس ص ٩٧ ـ وتاريخ أبي الفداء ٢ / ٢٤٣.
(٢) هو أبو حفص عمر بن يحيى بن محمد الهنتاتي ، أول التابعين لمهدي الموحدين من بين قومه ، والمختص بصحابته ، ومن هنا انتظم في سلك العشرة السابقين إلى دعوة ابن تومرت. وكان يسمّى بين الموحدين بالشيخ. وإلى أبي حفص هذا تنتسب الدولة الحفصية بإفريقية. وليس صحيحا ما يتوهّم من أنّها من ذريّة أبي حفص عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين ، انظر ابن خلدون ٦ / ٢٧٥ ، ٢٦٧ ، ٢٢٧ ، والمعجب للمراكشي ص ١٢٥.
(٣) هو الأمير أبو زكريا يحيى بن عبد الواحد الحفصي ملك جل إفريقية ، وبايعه أهل الأندلس ، وأمّله أهل شرق الأندلس لصدّ هجوم ملكي أرغون وقشتالة ، فأوفدوا إليه كاتب ابن مرذنيش أبا عبد الله ابن الأبّار ، فأنشده القصيدة السينية المشهورة.
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا |
|
إن السبيل إلى منجاتها درسا |
انظر صبح الأعشى ٥ / ١٢٧ وابن خلدون ٦ / ٢٨١ وأزهار الرياض ٣ / ٢٠٥ وما بعدها.