فملكها ، وقتل خالدا ، سنة اثنتين وسبعين.
وكان ابن مرزوق يستريب منه ، لما كان يميل ، وهو بفاس ، مع ابن عمّه أبي عبد الله محمد ، صاحب بجاية ، ويؤثره عند السّلطان أبي سالم عليه ، فعزله السّلطان أبو العبّاس عن الخطبة بتونس ، فوجم لها ، وأجمع الرحلة إلى المشرق ، وسرّحه السّلطان ، فركب السّفين ، ونزل بالإسكندرية ، ثم ارتحل إلى القاهرة ، والقي أهل العلم ، وأمراء الدولة ، ونفقت بضائعه عندهم ، وأوصلوه إلى السّلطان ، وهو يومئذ الأشرف ، (١) فكان يحضر مجلسه ، وولوه الوظائف العلمية ، وكان ينتجع منها معاشه. وكان الذي وصل حبله بالسّلطان إستدّاره (٢) محمد بن أقبغا آص (٣) ، لقيه أول قدومه ، فحلي بعينه ، واستظرف جملته ، فسعى له ، وأنجحت سعايته ، ولم يزل مقيما بالقاهرة ، موقّر الرّتبة ، معروف الفضيلة ، مرشّحا لقضاء المالكية ، ملازما للتدريس في وظائفه ، إلى إن هلك سنة إحدى وثمانين.
هذا ذكر من حضرنا من جملة السّلطان أبي الحسن ، من أشياخنا ، وأصحابنا ؛ وليس موضوع الكتاب الإطالة ، فلنقتصر على هذا القدر ، ونرجع إلى ما كنّا فيه من أخبار المؤلف.
__________________
(١) السّلطان الأشرف : هو أبو المفاخر شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون (٧٥٤ ـ ٧٧٨) تولى الملك سنة ٧٦٤ ه. ترجمته في المنهل الصافي ٢ / ١٧٩ ب ، الدرر الكامنة ٢ / ١٩٠ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٤٥٣ ، ابن إياس ١ / ٢١٢ خطط علي مبارك ٢ / ٦٠.
(٢) والإستدار. بكسر الهمزة : لقب للذي يتولى قبض مال السّلطان. وهذا اللفظ مركب من إستذ ، ومعناها الأخذ ، ودار ومعناها الممسك ، فأدغمت الذال المعجمة في الدال فصارت إستدّار. وكتابتها «أستاذ دار» ، خروج بها عن رسمها الصحيح ، ومن الخطأ توهم أن «أستاذ» ، و «دار» كلمتان عربيتان.
وانظر صبح الأعشى ٥ / ٤٥٧.
(٣) هو الأمير ناصر الدين محمد بن أقبغا آص المتوفى سنة ٥٩٧ ه. ترجمته في المنهل الصافي ٣ / ١٣٣.