لا يكن برقك برقا خلبا |
|
إن خير البرق ما الغيث معه |
وقال ابن سلام : خوفا من البرد أن يهلك الزرع ، وطمعا في المطر أن يحييه. (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ) : أن تثبت وتمسك ، مثل : وإذا أظلم عليهم قاموا : أي ثبتوا بأمره ، أي بإرادته. وإذا الأولى للشرط ، والثانية للمفاجأة جواب الشرط ، والمعنى : أنه لا يتأخر طرفة عين خروجكم عن دعائه ، كما يجيب الداعي المطيع مدعوه ، كما قال الشاعر :
دعوت كليبا دعوة فكأنما |
|
دعوت قرين الطود أو هو أسرع |
قرين الطود : الصدا ، أو الحجران أيد هذا. والطود : الجبل. والدعوة : البعث من القبور ، و (مِنَ الْأَرْضِ) يتعلق بدعاكم ، و (دَعْوَةً) : أي مرة ، فلا يحتاج إلى تكرير دعاءكم لسرعة الإجابة. وقيل : (مِنَ الْأَرْضِ) صفة لدعوة. وقال ابن عطية : ومن عندي هنا لأنتهاء الغاية ، كما يقول : دعوتك من الجبل إذا كان المدعو في الجبل. انتهى. وكون من لأنتهاء الغاية قول مردود عند أصحابنا. وعن نافع ويعقوب : أنهما وقفا على دعوة ، وابتدا من الأرض. (إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) علقا من الأرض بتخرجون ، وهذا لا يجوز ، لأن فيه الفصل بين الشرط وجوابه ، بالوقف على دعوة فيه إعمال ما بعد إذا الفجائية فيما قبلها ، وهو لا يجوز. وقال الزمخشري : وقوله : (إِذا دَعاكُمْ) بمنزلة قوله : (يُرِيكُمُ) في إيقاع الجملة موقع المفرد على المعنى ، كأنه قال : ومن آياته قيام السموات والأرض ، ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة : يا أهل القبور أخرجوا ، وإنما عطف هذا على قيام السموات والأرض بثم ، بيانا لعظيم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يا أهل القبور قوموا ، فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر. انتهى. وقرأ حمزة والكسائي : تخرجون ، بفتح التاء وضم الراء ؛ وباقي السبعة : بضمها وفتح الراء.
وبدأ أولا من الآيات بالنشأة الأولى ، وهي خلق الإنسان من التراب ، ثم كونه بشرا منتشرا ، وهو خلق حي من جماد ، ثم أتبعه بأن خلق له من نفسه زوجا ، وجعل بينهما تواد ، وذلك خلق حي من عضو حي. وقال : (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، لأن ذلك لا يدرك إلا بالفكر في تأليف بين شيئين لم يكن بينهما تعارف ، ثم أتبعه بما هو مشاهد للعالم كلهم ، وهو خلق السموات والأرض ، واختلاف اللغات والألوان ، والاختلاف من لوازم الإنسان لا يفارقه.
وقال : (لِلْعالِمِينَ) ، لأنها آية مكشوفة للعالم ، ثم أتبعه بالمنام والابتغاء ، وهما من الأمور