الجنة. وشمل قوله (جَزاءً وَمَصِيراً) الثواب ومحله كما قال (نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) (١) وفي ضده (بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) (٢) لأنه بطيب المكان يتضاعف النعيم ، كما أنه برداءته يتضاعف العذاب (وَعْداً) أي موعودا (مَسْؤُلاً) سألته الملائكة في قولهم (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) (٣) قاله محمد بن كعب والناس في قولهم (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) (٤) (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) (٥) وقال معناه ابن عباس وابن زيد.
وقال الفراء : (وَعْداً مَسْؤُلاً) أي واجبا يقال لأعطينك ألفا وعدا مسؤولا أي واجبا ، وإن لم يسأل. قيل : وما قاله الفراء محال انتهى. وليس محالا إذ يكون المعنى أنه ينبغي أن يسأل هذا الوعد الذي وعدته أو بصدد أن يسأل أي من حقه أن يكون مسؤولا. و (عَلى رَبِّكَ) أي بسبب الوعد صار لا بد منه. وقال الزمخشري : كان ذلك موعودا واجبا على ربك إنجازه حقيقا أن يسأل. ويطلب لأنه جزاء وأجر مستحق ، وهذا على مذهب المعتزلة.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً (١٩) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠) وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (٢١) يَوْمَ
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ٣١.
(٢) سورة الكهف : ١٨ / ٢٩.
(٣) سورة غافر : ٤٠ / ٨.
(٤) سورة آل عمران : ٣ / ١٩٤.
(٥) سورة البقرة : ٢ / ٢٠١.