فضل أن يقضى معه الكثير من الأوقات للاستمتاع بحديثه ، لأنه جمع المعرفة بأخبار أهل الحجاز وألقاب الأشراف وأحوال المجان ، وبلغ من إعجاب الرشيد به أن أنزله فى بعض غرف قصره (١).
ومن أبرز ندماء الرشيد الأصمعى وهو من أعلم الناس بالنوادر والأخبار وأيام الناس ، مشهور له بصدق الرواية ، أقام فى حياته فى الباديه أياما طوالا ، يستطلع فيها عادات العرب ويستكشف أخبارهم ، ويستنطق آثارهم ، وكان يسوق أخباره فى كلام رشيق بليغ حتى فاق غيره فى النوادر (٢) أما أبو نواس فكان من محدثى الرشيد ومسامريه ، له كلام طريف فى المجون والخلاعة ، وحوادث تدل على خفة روحه (٣).
وكان أبو دلامه صاحب نوادر وحكايات وأدب ونظم ، وهو من أصل حبشى ، نبغ فى أيام بنى العباس ، وانقطع إلى المنصور والمهدى وغيرهما وكانوا يقدمونه ويفضلونه ، ويستطيبون نوادره ، وكان يضحك المنصور وينشده الأشعار ويمدحه ، ومما يجدر ذكره أن المهدى خرج وعلى بن سليمان للصيد ، ومعهما أبو دلامه فرأى المهدى ظبيا فأصابه ، ورمى على بن سليمان ظبيا فأخطاه ، وأصاب كلبا ، فقال أبو دلامه شعرا :
قد رمى المهدى ظبيا |
|
شك بالسهم فؤاده |
وعلى بن سليمان |
|
رمى كلبا فصاده |
فهنيئا لكما كل أمرئ |
|
يأكل زاده. (٤) |
فأمر له المهدى بثلاثين ألف درهم ، وتوفى أبو دلامه سنة ١٦١ ه (٥) ومن
__________________
(١) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٩٢ ه.
(٢) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ١ ص ٣١٤.
(٣) المصدر السابق ج ١ ص ٣٧٣.
(٤) مروج الذهب ج ٢ ص ٥٥٥.
(٥) ابن خلكان : وفيات الأعيان ج ١ ص ٢٤٣.