الصحيحة ، ولا يوافق المفسرون من أصحاب الرأى لأنهم يخطئون كثيرا. وظهر فى تفسيره ثقافته الدينية واللغوية والتاريخية ، ويتضح من كتاباته معرفته لآراء المتكلمين وخاصة المعتزلة ، وتأثر بمذهب المحدثين فى الكلام عن القدر ، وكان يتحرى الدقة فى الإسناد جريا على طريقة العلماء المعاصرين ، وحرص على الأخذ بروايات رجال موثوق بهم ، ونقد من لم يثق به (١).
أما أصحاب التفسير بالرأى ، فكانوا يحكمون العقل ويرفضون الخرافات والتصورات المخالفة لطبيعه الأشياء ، التى تأثر بها كثير من الناس ، ومن أشهر هذه التفاسير تفسير أبى بكر الأصم المتوفى سنة ٢٤٠ ه (٢).
اشتد الحاجة إلى الفقه فى العصر العباسى الأول. لأنه ينظم المعاملات ويضع التشريعات التى تنظم حياة الأفراد وعلاقاتهم بعضهم ببعض من ناحية وعلاقاتهم بالدولة من ناحية أخرى ، فضلا عن أنه يوضح التعليم التى يجب أن يتبعها الناس فى شئون دينهم ، وعنى الخليفة الرشيد بالفقه ، فعهد إلى القاضى أبى يوسف أن يضع له كتابا فى التنظيمات الأقتصادية والإجتماعية لدولته ، لإزالة ماساد فى عهد الأمويين من الأخذ بالرأى ، فصنف كتاب الخراج ، ويقول أبو يوسف فى مقدمة كتابه أن أمير المؤمنين أيده الله تعالى سألنى أن أضع كتابا جامعا يعمل به فى جباية الخراج ، والعشور والصدقات والجوالى وغير ذلك مما يجب عليه النظر فيه ، والعمل به ، وإنما أراد بذلك رفع الظلم عن رعيته والصلاح لأمرهم ـ فلا تضيعن ما قلدك الله به من أمر هذه الأمة والرعية ، فإن القوة فى العمل بإذن الله ، إن الرعاة مؤدون إلى ربهم وما يؤدى الراعى إلى ربه فأقم الحق فيما ولاك الله وقلدك ولو ساعة من نهار فإن أسعد الرعاة عند الله يوم القيامة راع سعدت به رعيته (٣).
استمع الرشيد إلى هذه التوجيهات من قاضيه أبى يوسف ، ولما أتم كتابه «الخراج» أمر الرشيد كل عماله أن يضعوا توجيهات أبى يوسف موضع التنفيذ.
__________________
(١) جولد تسيهر ، المذاهب الإسلامية فى تفسير القرآن ص ٨٦ ـ ، ٨٧
(٢) المصدر السابق ص ٩٩ ـ ، ١٠٠
(٣) أبو يوسف : الخراج ص ، ٢