ولقد اندثرت كتب الفقه التى صنفها أبو حنيفة ، وذكر لنا ابن النديم (١) أسماء كتبه فى الفقه.
ومن أبرز تلاميذ أبى حنيفة القاضى أبو يوسف ، كان حافظا للحديث ثم لزم أبا حنيفة ، فغلب عليه الرأى ، وولى منصب قاضى القضاء حتى وفاته سنة ١٨٢ ه ، فى خلافة الرشيد ، ولأبى يوسف من الكتب الفقهية ، الزكاة والصيام ، الفرائض والحدود ، الرد على مالك بن أنس ، رسالته فى الخراج إلى الرشيد ، وأخيرا كتاب الجامع الذى ألفه ليحيى بن خالد ، وتناول فيه اختلاف الآراء فى الفقه (٢).
وجدير بالذكر أن أبا يوسف تتلمذ على ابن أبى ليلى ، ثم انتقل إلى أبى حنيفة ، وأخذ عن مالك بن أنس ، وكان أول قاضى قضاة في الإسلام ، يعين القضاة فى أنحاء الدولة. وساعد على انتشار مذهب أستاذه ، ويقول الجاحظ (٣) : كانت دراسة فقه أبى حنيفة فى بغداد على قدر كبير من الأهمية لمن يريد أن يتولى منصبا هاما ، «وقد تجد الرجل يطلب الآثار وتأويل القرآن ويجالس الفقهاء خمسين عاما وهو لا يعد فقيها ، ولا يجعل قاضيا ، فما هو إلا أن ينظر فى كتب أبى حنيفة وأشباه أبى حنيفة ، ويحفظ كتب الشروط فى مقدار سنة أو سنتين حتى تمر ببابه فتيقن أنه من بعض العمال ، بالحزى ألا يمر عليه من الأيام إلا اليسير حتى يصير حاكما على مصر من الأمصار».
ومن أشهر فقهاء بغداد من أصحاب الرأى البشر بن الوليد ، ولى القضاء للمأمون من تلاميذه محمد بن الحسن ، وله عدة مصنفات فى الفقه ، ترجع أهميتها إلى أنه أول من دون ما أورده الفقهاء من أقوال وآراء ، ومن هنا تفوق على من سبقه من الفقهاء حتى على أبى يوسف نفسه ، الذى حاول إبعاده عن بغداد ، وإليه يرجع الفضل فى تدوين مذهب أبى حنيفة وحفظه فى الكتب ، (٤)
__________________
(١) المصدر السابق ص ، ٢٨٦
(٢) المصدر السابق
(٣) كتاب الحيوان ج ١ ص ، ٤٣
(٤) ابن النديم ، الفهرست ص ، ٢٨٩