الصراة أيضا ، وقطيعة الربيع بن يونس ـ مولى المنصور ـ وكان بها تجار خراسان من البزازين ، وقطيعة صالح بن المنصور وقطيعة الحرب بن عبد الله ـ أحد أصحاب المنصور ـ وسرعان ما اتسعت هذه القطائع ، وازداد إقبال الناس على سكناها ، وظلت تحمل اسم أصحابها مثل العباسية والصالحية والحربية (١).
حرص المنصور على توفير المياه بأرض بغداد ، فأمر بشق قناة تأخذ من نهر كرخايا ـ أحد روافد الفرات ـ تمر بداخل بغداد ، وقناة أخرى تأخذ من دجلة مباشرة ، وسماها دجيل ، وجر لأهل الكرخ وما اتصل به نهر يقال له نهر الدجاج وأدى توفر المياة إلى غرس الناس النخيل الذى جلب من البصرة وغرسوا الأشجار ، فأثمرت وأينعت ، وبذلك أمتلأت المدينة وضواحيها بالحدائق والمنتزهات البديعة (٢). وعنيت الحكومة فى بغداد بنظافة المدينة ، فلم يكن يسمح قط بإلقاء القاذورات على جانبى الطرق أو الأزقة ، وأنما كانت الشوراع تكنس وترش بأحسن نظام (٣).
يبالغ اليعقوبى (٤) فى ذكر عدد مساجد وحمامات وأسواق بغداد فيذكر أن المساجد كانت ثلاثين ألفا ، والحمامات عشرة آلاف ، وهذه الأرقام مشكوك فى صحتها. لأن مدينة بغداد بتصميمها ومساحتها لا يمكن بحال من الأحوال أن تتسع لهذه الأرقام التى ذكرها اليعقوبى ، على أننا نعتقد أن ما رواه اليعقوبى يدل على كثرة مرافق هذه المدينة.
على كل حال عنى المنصور بتأسيس مدينته ، وأقام لها المرافق الضرورية والأسواق فى كل ربض ، على أن المنصور عاد فأمر بنقل الأسواق إلى الكرخ خارج المدينة ، وجعل لكل تجارة شوارع معلومة وصفوفا فى تلك الشوارع وحوانيت ، ويرجع السبب فى نقل المنصور الأسواق من داخل المدينة إلى
__________________
(١) اليعقوبى : البلدان ص ٢٥٠.
(٢) ياقوت : معجم البلدان ج ٢ ص ٢٣٦.
(٣) المصدر السابق ذكره ج ٢ ص ٢٣٦.
(٤) البلدان ص ٢٥١.