الفرس إلى الخليفة ، جمع أربعة رجال من قبائل عربية شتى من أهل العلم والأدب فضمهم إلى المهدى ، وصاروا من أصحابه المقربين ، وحالوا بينه وبين الجلوس إلى الفرس (١).
وكان المهدى يطمئن إلى العرب ويأنس بهم ، فحينما ذهب إلى الحج سنة ١٦٠ ه أمر باختيار خمسمائة من الأنصار ، ونقلهم إلى بغداد ، ليكونوا حرسا له وأعوانا ، وأجرى عليهم أرزاقا سوى أعطياتهم وأقطعهم عند .. قدومهم معه إلى بغداد قطيعة عرفت بهم (٢). وكان الخليفة المهدى يجتمع بانتظام فى بغداد مع القرشيين للنظر فى حوائجهم (٣) وكان فى ذلك يسير على سياسة أبيه المنصور (٤) ، لكن المهدى عاد فأسند بعض المناصب الهامة إلى الفرس ، فعزل أبا عبيد الله بن معاوية عن الوزارة ، وأسندها إلى يعقوب بن داود ـ الفارس الأصل ـ ثم الفضل بن صالح (٥).
إزداد نفوذ الفرس فى عهد الخليفة الرشيد الذى أسند أمور دولته إلى البرامكة الفرس ، وأستبدوا بأمور الدولة دونه ، فالخلافة على الحقيقة كانت لهم ، وليس للرشيد منها شئ إلا أسمها وقد استاء العرب فى بغداد من ذلك وسعوابهم إلى الرشيد ومن أبرز من تصدى للبرامكة من العرب الفضل بن الربيع الذى ما زال يحرض الرشيد على التخلص منهم ، ويذكره باستبدادهم بالملك حتى أوغر صدره عليهم ، فأوقع بهم ، وكان لتأثير السيدة زبيدة ـ زوجة الرشيد ـ العربية الهاشمية ـ أثر واضح فيما حل بالبرامكة ، وفى تولية ابنها محمد العهد قبل المأمون ، كذلك حرض بنو هاشم فى بغداد الرشيد على أخذ البيعة لمحمد الأمين قبل أخية المأمون ، وفيه ما فيه من الأنقياد لهواه والتصرف مع طوبتبه ، والتبذير لما حوته يده ، ومشاركة النساء والآماء لرأية ، وقالوا : إن ملت إلى عبد الله المأمون ـ وأمه فارسية ـ أسخطت بنو هاشم (٦). وكان الأمين أصغر سنا من المأمون ، وأمه ـ كما قلنا ـ عربية. أما المأمون فأمه فارسية.
__________________
(١) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٥١ ه.
(٢) المصدر السابق حوادث ١٦٠ ه.
(٣) المدور : حضارة الإسلام فى دار السلام ص ٤٥.
(٤) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٥٨ ه.
(٥) الجهشيارى : الوزراء والكتاب ص ١٥٦ ، ١٦٤.
(٦) المصدر السابق ص ٢٢٨.