وجاءت نكبة البرامكة انتصارا للعرب على الفرس ، وازداد نفوذ العرب نتيجة لها. فاسندت الوزارة إلى الفضل بن الربيع بعد البرامكة ـ وكان حاجبا للمنصور والمهدى والهادى ـ وما زال الفضل وزيرا للرشيد حتى توفى (١) ـ أى الرشيد ـ كذلك أسند الرشيد قيادة الجيش وديوان الجند إلى الشحر الهذلى وعبد الله بن عبده الطائى (٢).
لما ولى الأمين الخلافة انتعش العرب فى بغداد ، وازداد نفوذهم بينما ضعف شأن الفرس ، وأسندت المناصب الكبيرة إلى العرب فقلد الأمين ، العباس بن الفضل بن الربيع حجابته ، والفضل بن الربيع الوزارة ، وبكر بن المعتمر ديوان الخاتم (٣).
رأى العرب فى بغداد ضرورة تأمين ما حصلوا عليه فى عهد الأمين من مكاسب وامتيازات ، فسعوا إلى تحريض الأمين على نقض بيعة أخيه المأمون بولاية العهد ، لأن المأمون تربى منذ نعومة أظفاره فى أحضان الفرس ، لذلك سعى العنصر العربى فى بغداد ـ وعلى رأسه الفضل بن الربيع ـ بالأمين لخلع المأمون ، ونقل ولاية العهد من بعده إلى ابنه موسى. والحقيقة أن ذلك لم يكن من رأى الأمين ولا من عزمه ، بل كان عزمه الوفاء لأخويه عبد الله والقاسم بما كان أخذ عليه لهما والده من العهود والشروط ، فلم يزل الفضل بالخليفة يصغر فى عينيه شأن المأمون ، ويزين له خلعه حتى قال له : ما تنتظر يا أمير المؤمنين بعبد الله والقاسم أخويك ، فإن البيعة كانت لك متقدمة قبلهما ، وإنما أدخلا فيها بعدك واحدا بعد واحد (٤).
على كل حال أفلح العنصر العربى فى إقناع الأمين بخلع أخيه المأمون من ولاية العهد ، ومبايعة ابنه موسى ، وسماه الناطق بالحق ، وتسبب ذلك فى
__________________
(١) المسعودى : مروج الذهب ج ٢ ص ٢٧٩.
(٢) ابن طباطبا : الفخرى فى الآداب السلطانية ص ١٩٢.
(٣) الجهشيارى : الوزراء والكتاب ص ٢٨٩.
(٤) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٩٤ ه.