لغناء ما يستجيده منها (١) أما أبو عيسى الرشيد فكان من أحسن الناس غناء وقيل انتهى جمال ولد الخلافة إلى أولاد الرشيد ، ومن أولاد الرشيد إلى محمد وأبى عيسى وكان أبو عيسى إذا عزم على الركوب جلس الناس له حتى يروه أكثر مما يجلسون للخلفاء (٢). وكان عبد الله بن موسى الهادى من أضرب الناس بالعود وأحسنهم غناءا (٣).
واشتهر فى الغناء بعض أميرات البيت العباسى مثل عليه بنت المهدى ، وأمها أم ولد مغنية. وكانت من أحسن الناس وأظرفهم ، تقول الشعر الجيد وتلحنه أحسن تلحين ، وبلغ من ولعها بالشعر أنها كانت تراسل من تختصه بالأشعار (٤).
كذلك ظهر مغنون من كبار البيوتات فى بغداد ، فقد كان عبد الله بن العباس ابن الفضل بن الربيع مغنيا ماهرا وماجنا يعيش عيشة لهو وخلاعة (٥).
وعلى الرغم من انتشار الغناء فى بغداد فى مجالس الخلفاء والأمراء ورجال الدولة وسائر الأهلين إلا أنه لقى معارضة من العناصر المحافظة وخصوصا أصحاب الطيالس من رجال الدين ، بل إن الخلفاء المحبين للهو ، كرهوا أن ينشأ أبناؤهم على محبته ، فالخليفة المهدى عاقب ابن جامع والحرانى ـ المغنين ـ لأنقطاعهما إلى ولى عهده الهادى ، ولما ولى هذا الخليفة استدعى إليه ابن جامع ، وضعه إلى مجلس منادمته (٦).
وظهر ندماء انقطعوا لبعض الأسر الكبيرة مثل الفضل الرقاشى الذى اقتصر على انشاد البرامكة الشعر دون غيرهم ، وكانوا يفضلونه على سائر الشعراء ، ويروون أولادهم أشعاره ، ويدونونها تعصبا له ، وحفظا لخدمته ، وتنويها بإسمه ،
__________________
(١) المصدر السابق ج ٧ ص ١٠٦.
(٢) المصدر السابق ج ١٠ ص ١٨٧.
(٣) المصدر السابق ج ١٠ ص ١٩٤.
(٤) المصدر السابق ج ١١ ص ١٦٢.
(٥) الأصفهانى : الأغانى ج ١٠ ص ١٩٤.
(٦) الأصفهانى : الأغانى ج ٦ ص ٢٩٢.