وفي تحريرات الأوقاف التي تمت بأمر السلطان سليمان القانوني تم تثبيت الأوقاف التي أوقفت في بغداد وما جاورها من أجل العتبات في العصور الإسلامية الأولى وفي عصر الشاه إسماعيل مما عمل على إحياء هذه الأوقاف ، وقد تمّ تسجيل ما يزيد على مائة وقف في هذا التحرير الأول وهذا نراه بوضوح في الوثائق العثمانية ، كما تم تسجيل واردات الأوقاف وبالتالي سجلت أبنية الأوقاف والمفروشات والكتب والأشياء الأخرى الموجودة في الأضرحة ، وسجلت أيضا واردات القرى والمزارع والمحالّ الموقوفة وأعفى الأسياد المجاورين للأوقاف والمجاورين والفقراء من الضرائب وخصص لهم مخصصات لإعاشتهم ، ولقد خصصت الدولة العثمانية العديد من الواردات لهذه الأوقاف سواء كانت سنية أم شيعية ، وعلى سبيل المثال فقد زيدت واردات وقف الإمام الأعظم إلى ٢٨٠٠٠٠ آقجة وواردات وقف عبد القادر الجيلاني إلى ٢٧٠٠٠٠ آقجة وواردات الأوقاف الموجودة في الكاظمية والجوادية إلى ٢٧٠٠٠٠ آقجة.
ولم تتأثر الأوقاف السنية في بغداد ولا الأوقاف الشيعية في العتبات إطلاقا من مسار العلاقات العثمانية الإيرانية طوال التاريخ ، ولهذا ظلت النجف وكربلاء هي المرجعية العلمية للعالم الشيعي ، فمن النجف وكربلاء خرج المجتهدون الذين تقلدوا رئاسة الشيعة سواء في الأراضي العثمانية أم في إيران بل وحتى في الهند أيضا ، بخلاف هذا فإن الأمن الذي تحقق بهذا المفهوم قد جعل النجف وكربلاء مكانا عامرا بالسكان ، وصار لكل من هذه المراكز الدينية مركزا تجاريّا وزراعيّا من ناحية أخرى.
لما حلّ الضعف والانحلال بالدولة العثمانية في النصف الأول من القرن التاسع عشر نالت بغداد وكربلاء مثلها ككل المناطق الأخرى نصيبا من هذا الضعف ، وتأثرت من هذه التطورات ، ولقد لجأت الدولة