الأحيان ، وانتهى الأمر بأن أصبحت كل واحدة منها وحدة إدارية مستقلة تماما عن بغداد ، كما أحدثت تغيرات عديدة بسناجق ولاية بغداد ، أما الحلة والديوانية وكربلاء فكانت دائما تحت إدارة بغداد باعتبار أوضاعها ونظرا لقربها منها ، أو بتعبير آخر بالرغم من أنه أسست هنا بعض الوحدات الإدارية ، إلا أنها كانت دائمة تحت ظل ولاية بغداد.
وقبل عهد التنظيمات كان الإداريون المعينون على الولايات بمثابة «الوكلاء المطلقين» للحكام في التنفيذ والإجراء (١) ، وكان تدخل الباب العالي في إدارة الولاية خاصة في الفترة التي طبق فيها نظام الالتزام كان محددا بعزل وتعيين الموظفين المحليين فقط ، أما صلاحيات الوالي في الولاية فكانت واسعة للغاية ، فهو الذي يرأس القوات العسكرية ويحصل الضرائب لحسابه ويقوم بكل الإجراءات الانضباطية التي يراها ضرورية بشكل مباشر ويمكنه إعدام المتهمين ، وكان الوالي بتلك الصلاحيات يهدد حتى القضاة ، ولكن بعد إلغاء فرقة الإنكشارية في عهد السلطان محمود الثاني تركت مسألة الإدارة والشؤون الأمنية للوالي والمتصرفين ، زعما بأن مهمة القاضي ستنحصر فقط في النظر في الدعاوي طبقا للشريعة الإسلامية ، وإذا ما صدر منه أي تدخل ولو بمقدار ذرة في شؤون الدولة فإن هذا سيستلزم تأديبه (٢).
وأثناء القيام بتلك التنظيمات الجديدة ظلت الولايات القديمة كما كانت في السابق من الناحية الشكلية ، إلا أن التغيرات التي حدثت في الآلية الإدارية جعلت مسؤولية القضاء لمحصّل القضاء ، ومسؤولية السنجق لمحصّل السنجق ، ولم يكن لهم أي ارتباط بمحصّل الولاية المركزية ، بل كانوا منفصلين ومستقلين ، ولهذا السبب لم تكن هناك
__________________
(١) Bernard Lewis, Modern Turkiye\'nin Dogusu, Ankara ٨٩٩١, s. ١٨٣.
(٢) Karal ,a.g.e.,IV ,٩٢١.