العثمانية بشكل رقيق أكثر من تبعيتها لإيران ذات القومية الفارسية بسبب خصائصها المختلفة ، وكان الاقتصاد سببا آخر في عدم رغبة كربلاء في إحكام روابطها بالدولة من الناحية الدينية والسياسية ، فقد كانت كربلاء صاحبة أراض زراعية هامة وقوة تجارية كبرى ، ولكنها كانت تتعرض كل عام لهجوم عشرات الآلاف من الزوار والتجار الذين يفدون إليها بسبب الأماكن المقدسة (العتبات) الأهم من الزراعة والتجارة ، وكانت تنصب على كربلاء الهدايا والأخماس والزكاة وأموال التجار ، وبالرغم من ذلك كان الشيعة الذين لم يتمكنوا من الحضور إلى كربلاء يقدمون مساعداتهم إلى العلماء. وكانت تلك الأموال كبيرة إلى حد ما ، وعلى هذا لم يرغب الكثير من علماء كربلاء وأهلها في اقتسام ثروة كربلاء مع علماء إيران أو أهاليها.
وكان ضعف الدولة العثمانية الذي كان يزداد يوما بعد يوم ، سببا في ضعف الروابط بين المركز والمناطق المحيطة به ، وقد رأت الدولة العثمانية أن إصلاح هذه الروابط لن يكون برباط رقيق ، بل رأت ضرورة توحيد كربلاء مع المركز من خلال الروابط ، وقد أقلق الدولة العثمانية ولوج الدول الأوروبية في المنطقة منذ القرن التاسع عشر ورغبة إيران في تقوية روابطها بكربلاء ، والأهم من ذلك خشية الدولة العثمانية من اكتساب المماليك الذين سيطروا على إدارة بغداد منذ فترة طويلة وضعا خاصّا ، وخشية زيادة قوتهم مثل قوة محمد علي باشا في مصر ، فوضعت الدولة العثمانية تلك التطورات نصب عينيها ، وسعت لتطبيق سياسة المركزية والتنظيمات في المنطقة.
ولقد ترك علي رضا باشا ـ والي بغداد الذي أنهى حكم ولاة المماليك وبدأ سياسة المركزية ـ الإدارة في كربلاء على حالها طبقا للتقاليد المتبعة فيها وكان هذا الأمر مخالفا لسياسة الدولة ، أما نجيب باشا الذي كان مخالفا لسياسة علي رضا باشا فقد بدأ في تطبيق القوانين