القبيلة ، ويحكم بالقوانين العرفية لمصلحته دون أدنى خوف ، وكان نظام المركزية الذي بدأت الدولة العثمانية في تطبيقة حديثا أهم سبب في قوة أو ضعف هؤلاء المشايخ.
وكان سعي الدولة العثمانية للسيطرة على الأهالي بسياسة المركزية التي بدأت تطبقها في القرن التاسع عشر سببا في جعل الأهالي يكفون عن دفع (ضريبة الأخوة) نظرا لوجود الدولة ، كما أن حظر الغزو جعل القبائل تبحث عن مصادر اقتصادية جديدة ، حيث زادت أهمية الزراعة ، وكلف شيخ القبيلة عددا من أفراد عائلته بإدارة مزارعه ، وكان مكان القرى التي أسست يحدد طبقا لخصوبتها ، وكان الشيخ يريد تأسيس تلك القرى في الأماكن التي يكثر المرور منها وإذا ما اختل الأمن فإنه يحصن تلك المزارع ويقطع الطريق ويأخذ الخراج ويشكل قاعدة عسكرية حتى إنه كان يطلب نقودا للاستفادة من المياه ، وفي الفترة التي تحقق فيها الدول الصلح وتجعل المكان صالحا للحياة تزيد الأراضي المزروعة. إن هذا الأمر ضيق مساحات الترحال ، ووجد البدو حلّا لهذا ، فأسسوا الخيام في المناطق المختلفة وأسكنوا فيها عناصر مختلفة كي يكونوا أصحاب الحق في التصرف في الأراضي ، وبذلك وجدوا وسيلة جديدة تجعلهم أصحاب أراض واسعة. إن صدور رد فعل قوي في التجمعات البدوية بسبب تلك الأزمة الاقتصادية والاجتماعية أمر لا مفر منه ، وإن تراخى ترابطهم إلى هذه الدرجة أدى إلى فساد معنويات بدو الصحراء وعكر صفوهم ونغص حياتهم ، وفي تلك الفترة أمدّهم الدين بالصبر وحلّ الدين في الخيام لأول مرة (١) ، ولإراحة البدو من الناحية المعنوية قامت الدولة العثمانية بفتح المدارس لنشر التربية الدينية في كربلاء وما جاورها وحماية الأماكن المقدسة وإرسال رجال الدين إلى العشائر المختلفة البدو منها والحضر.
__________________
(١) Robert Montagne, Col Medeniyeti,) ceviren Avni Yakalioglu (, Istanbul ٠٥٩١, s. ٥٦١ ـ ١٧١.