لقد سعت الدولة العثمانية لتقديم كل التسهيلات المتعلقة بإسكان وتوطين العشائر البدوية الموجودة في العراق والعمل على تشغيلهم في الزراعة ، أما تخصيص الأراضي والمعفاة من الضرائب ومنح البذور وربط الرواتب لمشايخ العشائر فقد طبق بشكل يتفق مع أحوال وأوضاع كل عشيرة من الناحية الاجتماعية والجغرافية وحجم العشيرة (١).
لقد بذلت الدولة العثمانية جهودا كبيرة بعد إعلان التنظيمات لنقل العشائر الموجودة في جنوب العراق من حياة البداوة ونصف البداوة إلى حياة الحضر ، كما كانت تبذل جهودا أخرى في توطين بعض العشائر القوية في بعض المناطق المحددة لتحقيق الاستقرار بشكل عام ، ومنع هجوم العشائر ، وكانت الدولة تراعي مسألة المذهب وقوة العشيرة أثناء توطينها في منطقة ما.
وحتى يقضي مدحت باشا على هجمات عشيرة عنزة القادمة من شبه الجزيرة العربية وهجمات آل سعود الذين ظهروا كقوة جديدة في المنطقة أرسل رسالة باللغة العربية إلى فرحان باشا شيخ عشيرة شمر الجربا أوضح فيها أنه يفكر في منحه المنطقة الممتدة من تكريت حتى حدود الموصل بمحاذاة نهر دجلة ليؤسس فيها سنجق شمر مثل ما حدث مع عشيرة منتفك ، وأن يكون هو أي فرحان باشا متصرفا عليها ، ودعاه في الرسالة للانتقال هو وعشيرته إلى حياة الحضر.
وحتى تتمكن الدولة من إعاقة الهجمات القادمة من الحدود الإيرانية أيضا أرسلت رسالة إلى ولاية بغداد في ١٨٦٩ م تطلب منها تخصيص الأرض الواقعة بين بغداد والسليمانية بطول خط الحدود إلى عشيرة جاف السنية الشافعية المذهب ، وأن يكون شيخها قائمقاما عليها.
__________________
(١) Marufoglu ,a.g.m.,s.٩٢٣.