كيف؟! وقد روى مسلم في آخر كتاب الطهارة : « إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّ بقبرين ، فقال : أما إنّهما يعذّبان وما يعذّبان في كبير ، أمّا أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وكان الآخر لا يستنزه عن البول » (١)
ونحوه في موارد كثيرة من صحيح البخاري (٢).
ونقل البغوي في باب أدب الخلاء من الحسان : « إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يبول ، فأتى دمثا (٣) في أصل جدار فبال ، ثمّ قال : إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله » (٤)
فمع هذه الأخبار ، وأضعافها من أخبارنا (٥) ، كيف نصدّقهم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه بال قائما؟! ولا سيّما مع دعوى طلب دنوّ حذيفة منه ، وهو مناف للحياء وسنّته ، فإنّه كان يبعد المذهب ، ولم ير على بول أو غائط.
ودعوى التشريع واضحة البطلان ، إذ ليس لإباحة البول قائما بقرب الناس من الأهمّية ما يحتاج إلى التشريع بالفعل ، وقد كان التشريع بالقول ممكنا ، وأظهر بيانا!
__________________
(١) صحيح مسلم ١ / ١٦٦.
(٢) صحيح البخاري ١ / ١٠٧ ح ٧٩ وص ١٠٨ ح ٨١ وج ٨ / ٣١ ح ٨٣ ، وانظر : سنن أبي داود ١ / ٥ ح ٢٠ ، سنن ابن ماجة ١ / ١٢٥ ح ٣٤٩.
(٣) الدمث : المكان الليّن ذو رمل ، والأرض الليّنة السهلة الرّخوة ؛ انظر : الصحاح ١ / ٢٨٢ ، لسان العرب ٤ / ٤٠٠ ، مادّة « دمث ».
(٤) مصابيح السنّة ١ / ١٩٤ ح ٢٣٧ ، وانظر : سنن أبي داود ١ / ١ ح ٣ ، مسند أحمد ٤ / ٣٩٦ و ٤١٤.
(٥) انظر مثلا : كتاب من لا يحضره الفقيه ١ / ١٦ ح ٣٦ وج ٢ / ١٩٥ ح ٨٨٤ ، تهذيب الأحكام ١ / ٣٣ ح ٨٧ ، وراجع : تفصيل وسائل الشيعة ١ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦ ح ٨٠٠ ـ ٨٠٤ وص ٣٣٨ ـ ٣٤٠ ح ٨٨٩ ـ ٨٩٥.