وليس البول قائما في الجواز إلّا كالتغوّط قائما ، وإرسال الريح جالسا بين الناس ، فهل ترى يحسن فعلهما للتشريع؟!
وأمّا قوله : « وأيّ منقصة تتصوّر من البول قائما؟! » ..
فمن مكابرة الضرورة ، ولكن يحقّ له نفي المنقصة ، فقد كان إمامهم عمر يفعل ذلك كما عرفت ، وكذلك ابنه عبد الله!
روى مالك في موطّئه تحت عنوان : « ما جاء في البول قائما » ، عن عبد الله بن دينار ، قال : « رأيت عبد الله بن عمر يبول قائما » (١).
وعن النووي : « إنّ عمر كان يقول : البول قائما أحصن للدبر » (٢).
ولعلّه لهذه الحكمة كان يفعله ويفعله أصحابه!
وأمّا ما ذكره من أنّ نسبة تجويز الخطأ والغلط افتراء عليهم ؛ فمكابرة ظاهرة ؛ لأنّه بنفسه في ما سبق ذكر الخلاف بينهم في عصمة الأنبياء عن الكذب سهوا في ما يبلّغونه عن الله تعالى (٣) ، فإذا جاز الخطأ في التبليغ ، ففي العمل أولى ..
ولذا أجازوا سهو النبيّ في الصلاة ، فكما يجوز أن يصلّي الظهر ركعتين سهوا وخطأ ، فليجز أن يخطأ في مسح الخفّ والمطلوب المسح على الرجل.
وأمّا إنكاره لتجويز سرقة الدرهم على الأنبياء ؛ فمبنيّ على أنّها من
__________________
(١) الموطّأ : ٥٨ ح ١١٥.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم ٢ / ١٣٥ ح ٢٧٣ ، وانظر : كنز العمّال ٩ / ٥٢٠ ح ٢٧٢٤٤.
(٣) انظر الصفحة ٢٠ وما بعدها من هذا الجزء.