وهي كما ترى كفر صريح ؛ لاقتضائها الجسمية والحلول بالمكان ، وفيها تكذيب لله سبحانه حيث يقول في سورة الأعراف : ( اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ) (١).
وقال تعالى في سورة ص : ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ ) (٢).
وقال تعالى في سورة ألم السجدة : ( وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) (٣).
فإنّ هذه الآيات الشريفة صريحة في أنّها تمتلئ بإبليس وأتباعه ، فكيف يقال : لا تمتلئ حتّى يضع قدمه؟!
ولعلّ الذي أوهم أبا هريرة وأنسا ، أو الرواة عنهما ، هو قوله تعالى :
( يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ) (٤) ، حيث تخيّلوا منه أنّها لا تزال تقول : « هل من مزيد » ولم تمتلئ بالعصاة أصلا ، لا في حين سؤال الله تعالى لها عن امتلائها!
وغفلوا عن بقية الآيات المذكورة ، فأحدثوا رواية خيالية ، وكذبوا على حسب ما تقتضيه عقولهم ، وأخذ عنهم الخرافيّون والقصصيّون من دون معرفة أيضا.
ولا يخفى أن قول أبي هريرة : « ولا يظلم الله من خلقه أحدا » (٥) دالّ على أنّه سبحانه لو ألقى فيها أحد غير من فيها كان ظالما له ، وهو خلاف
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ١٨. منه قدسسره.
(٢) سورة ص ٣٨ : ٨٥. منه قدسسره.
(٣) سورة السجدة ٣٢ : ١٣. منه قدسسره.
(٤) سورة ق ٥٠ : ٣٠.
(٥) صحيح البخاري ٦ / ٢٤٦ ح ٣٤٤ وج ٩ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠ ح ٧٥.