« المواقف » وشارحها قالا : « ولا يشترط في الإرسال شرط من الأغراض (١) والأحوال المكتسبة بالرياضات والمجاهدة في الخلوات والانقطاعات ، ولا استعداد ذاتي ، من صفاء الجوهر وذكاء الفطرة كما يزعمه الحكماء ، بل الله يختصّ برحمته من يشاء من عباده ، فالنبوّة رحمة وموهبة متعلّقة بمشيئته فقط » (٢) ..
فإنّ قولهما : « بل الله يختصّ ... » إلى آخره ، دالّ على جواز بعث أيّ شخص كان ، فيجوز أن يكون النبيّ كما وصفه المصنّف إذا تعلّقت بإرساله المشيئة.
ومن العجب استدلال صاحب « المواقف » على عدم اشتراط الإرسال بشرط بقوله تعالى : ( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ) (٣) ، فإنّ الآية ظاهرة الدلالة أو صريحتها في أنّ صاحب الدعوة أهل في نفسه فيبعثه الله تعالى ؛ لعلمه بأهليّته وأنّه مستعدّ الذات.
ولذا أورد عليه الشارح بقوله : « وفي دلالة هذه الآية على المطلوب نوع خفاء » (٤).
ويدلّ أيضا على تجويزهم إرسال صاحب النقائص المذكورة قول صاحب « المواقف » ، وشارحها أيضا ، في مقام عصمة الأنبياء ، قال :
« وأمّا قبله ـ أي قبل الوحي ـ فقال الجمهور ـ أي أكثر أصحابنا وجمع من المعتزلة ـ : لا يمتنع أن يصدر عنهم كبيرة ، إذ لا دلالة للمعجزة
__________________
(١) كذا في المطبوع ، وفي المخطوط والمصدر : الأعراض.
(٢) المواقف : ٣٣٧ ، شرح المواقف ٨ / ٢١٨.
(٣) سورة الأنعام ٦ : ١٢٤.
(٤) شرح المواقف ٨ / ٢١٨.