في الإخلاص بين وجود الإمام وعدمه ، ضرورة أنّه يوافق التكاليف بالطبع والطوع ، لا بالخوف ألبتّة ، بلا فرق بين حالتي وجود الإمام وعدمه ، بل هو مع الإمام أقرب إلى الإخلاص اقتداء به وسلوكا لنهجه.
وأمّا كون فوات المصلحة مفسدة ، فظاهر البطلان لو سلّم فواتها ، على أنّ مقتضاه عدم جواز نصب الإمام ، لا عدم وجوبه فقط ، لما في نصبه من المفسدة فرضا.
وأمّا الكبرى ؛ فلأنّ ترك هذا اللطف من المولى إخلال بغرضه ومطلوبه ، وهو طاعة العباد له وترك معصيته ، فيجب نصب الإمام على المولى لئلّا يخلّ بمطلوبه ؛ لأنّ الناس غير معصومين ، والمفاسد بنصب المعدّ للطاعة منتفية بالضرورة ، وإلّا لما جاز نصبه ، وهو خلاف الإجماع والضرورة.
على أنّه سبحانه أخبر بأنّه لطيف ، فيلزمه نصب الإمام تصديقا لإخباره.
وهو ـ سبحانه ـ لم يخلق جوارح الإنسان إلّا وجعل لها إماما يهديها إلى أفعالها ، وأميرا يحكم في مشتبهاتها ، وهو القلب ، كما أقرّ به عمرو بن عبيد لمّا سأله هشام بن الحكم رحمهالله (١) ، فكيف يترك الناس في حيرة
__________________
(١) راجع ما جرى بين هشام بن الحكم وبين عمرو بن عبيد في : رجال الكشّي ٢ / ٥٤٩ ـ ٥٥١ رقم ٤٩٠ ، الكافي ١ / ١٩٠ ح ٤٢٩ ، إكمال الدين ١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٩ ح ٢٣ ، علل الشرائع ١ / ٢٢٨ ح ٢ ، الأمالي ـ للصدوق ـ : ٦٨٥ ـ ٦٨٧ ح ٩٤٢ ، الاحتجاج ٢ / ٢٨٣ ح ٢٤٢.
وأمّا عمرو فهو : أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب ـ وقيل : ابن ثوبان ـ البصري ، شيخ المعتزلة في عصره ، كان جدّه من سبي فارس ، وأبوه نسّاجا ثمّ