وأيضا : فمذهب القوم أنّ كلّ من جمع العدالة والاجتهاد وغيرهما من الصفات السابقة حقيق بالخلافة ، فما معنى الاختصاص بالثلاثة حتّى يجمع عليه الصحابة؟!
ومجرّد الترجيح لهم ، لا يقتضي الاختصاص بهم وعدم صلوح غيرهم للخلافة.
وإن أرادوا ثبوت الإجماع بعد بيعة أبي بكر ، فهو ينافي ما زعموه من الإجماع على أبي بكر خاصّة إن اتّفق زمن الإجماعين ، وإلّا بطل الإجماع على حقّيّة أحد الثلاثة ، سواء تقدّم أم تأخّر ؛ لأنّ الإجماع على تعيين واحد هو الذي يجب اتّباعه ، فيكون الحقّ مختصّا بأبي بكر ، ولم يصحّ جعل الإجماع على حقّيّة أحد الثلاثة دليلا ثانيا.
ويحتمل بطلان الإجماع المتقدّم وصحّة المتأخّر مطلقا ؛ وهو الأقرب.
وأمّا ما زعمه من إمكان منازعة أمير المؤمنين عليهالسلام ، فممنوع ؛ إذ لا ناصر له إلّا أقلّ القليل ، ولذا قال عليهالسلام في خطبته الشقشقية :
« فطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء » (١).
.. إلى غير ذلك من متواتر كلامه (٢).
__________________
(١) نهج البلاغة : ٤٨ الخطبة ٣.
(٢) فقد ثبت في الأحاديث أنّ الأمّة ستغدر بأمير المؤمنين عليهالسلام بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا تبدي ضغائنها وبغضها وحسدها له إلّا بعد ذلك ـ كما سيأتي قريبا ـ ، وقد شكا عليهالسلام قريشا وعداوتها له إلى الله في غير موضع ، وأستعدى الله تعالى عليها ..
انظر في ذلك مثلا : نهج البلاغة : ٤٧٢ رقم ٢٢ وص ٥٠٦ رقم ٢٠٩ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٦ / ١٥١ وج ٢٠ / ٢٩٨ رقم ٤١٣.