فإنّ قريشا أجمعت على إخراج الأمر من يده عداوة وحسدا له وطلبا بالتّرات (١).
ألا ترى أنّه لم يكن معه في صفّين من قريش إلّا خمسة أو نحوهم ، ومع معاوية ثلاث عشرة قبيلة (٢) ، مع علمهم ببغي معاوية وعدم مشاهدتهم لما فعله أمير المؤمنين عليهالسلام بأسلافهم ، إلّا القليل ، فكيف بمن شاهدوا؟!
ولا يستبعد من قريش بغضه وعداوته ، فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع طهارته وعصمته وقداسة نفسه ، لم يطق رؤية وحشيّ قاتل حمزة عليهالسلام ، وقد أسلم ، حتّى قال له : « ما تستطيع أن تغيّب وجهك عنّي؟! » كما في « الاستيعاب » (٣) و « المسند » (٤) ..
فكيف بمن أفنوا أعمارهم بالكفر ، وربّوا على عادات الجاهلية ، أن يروا صاحب تراتهم أميرا عليهم ، وحاكما مطاعا فيهم وفي غيرهم ، ولهم طريق إلى صرف الأمر عنه؟!
مضافا إلى أنّ كلّ دم أراقه أخوه وابن عمّه إنّما يعصبونه به على قواعد العرب ، وكلّ أمر صنعه بهم إنّما يطلبونه منه ؛ لأنّه أقرب الناس إليه وأخصّهم به ، وأشدّهم مؤازرة له ، وأعظمهم اجتهادا في نصرته من يوم
__________________
(١) التّرة ، وجمعها : أوتار وترات : الثأر ، يقال : وتره يتره وترا وترة ، والموتور : الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه ؛ انظر مادّة « وتر » في : الصحاح ٢ / ٨٤٣ ، لسان العرب ١٥ / ٢٠٥.
(٢) رجال الكشّي ١ / ٢٨١ ح ١١١.
(٣) الاستيعاب ٤ / ١٥٦٤ ـ ١٥٦٥ رقم ٢٧٣٩.
(٤) مسند أحمد ص ٥٠١ من الجزء الثالث. منه قدسسره.
وانظر : السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٩ / ٩٨.