فهل ترى أنّ الله ورسوله يريدان تسجيل الأمر على عليّ عليهالسلام والإشهاد عليه ، لئلّا يفعل ما ينافي الحبّ والنصرة ، أو يريدان توضيح الواضحات والإخبار بالبديهيّات؟!
على أنّ نصرة عليّ عليهالسلام لكلّ مؤمن ومؤمنة موقوفة على إمامته وزعامته العامّة ، إذ لا تتمّ منه وهو رعيّة ومحكوم لغيره في جلّ أيّامه.
ولذا لم يقدر على نصر أخصّ الناس به ، وهو : سيّدة النساء ، مع علمه بأنّها محقّة في دعواها (١).
فلا بدّ إمّا أن يكون كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقوله : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » كذبا ، وحاشاه.
أو بيانا لإمامة عليّ ، وهو المطلوب.
ومنها : تقرير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم بأنّه أولى بهم من أنفسهم ، فإنّه دالّ على أنّه مقدّمة لإثبات أمر عليهم يحتاج إلى مثل هذا التقرير ..
فإذا قال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » علم أنّ الغرض إثبات تلك المنزلة لعليّ عليهالسلام عليهم ، وإيجاب إمامته عليهم ، لا الإخبار بأنّه محبّ لمن أحبّه ، أو ناصر لمن نصره.
ومنها : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن قرب موته ، كما في رواية الحاكم الأولى ورواية الصواعق (٢) وغيرهما (٣) ، وهو مقتض للعهد بالخلافة ومناسب له.
فلا بدّ من حمل قوله : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » على العهد
__________________
(١) في مطالبتها بما تملّكته عليهاالسلام من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، نحلة في حياته ، أو إرثا بعد وفاته.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١١٨ ح ٤٥٧٦ ، الصواعق المحرقة : ٦٥.
(٣) المعجم الكبير ٣ / ١٨٠ ح ٣٠٥٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٤ ـ ١٦٥.