لأمير المؤمنين بالخلافة ، لا على بيان الحبّ والنصرة ، ولا سيّما مع قوله في رواية الحاكم : « إنّي [ قد ] تركت ... » إلى آخره ، الدالّ على الحاجة إلى عترته وكفايتهم مع الكتاب في ما تحتاج إليه الأمّة.
وقوله في رواية « الصواعق » : « إنّي سائلكم عنهما » وقوله : « لن يفترقا » بعد أمره بالتمسّك بالكتاب ، فإنّ هذا يقتضي وجوب التمسّك بهم واتّباعهم ، فيسأل عنهم ، وذلك لا يناسب إلّا الإمامة.
ومنها : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا لعليّ بما يناسب الدعاء لولاة العهد بعد نصبهم للزعامة العامة ، فقال :
« اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحقّ معه حيث دار » أو نحو ذلك.
فكيف يصحّ حمل المولى على المحبّ أو الناصر؟!
ومنها : قرائن الحال الدالّة على أنّ ما أراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بيانه هو أهمّ الأمور وأعظمها ، كأمره بالصلاة جامعة في السفر بالمنزل الوعر بحرّ الحجاز وقت الظهيرة ، مع إقامة منبر من الأحداج (١) له ، وقيامه خطيبا بين جماهير المسلمين ، الّذين يبلغ عددهم مائة ألف أو يزيدون.
فلا بدّ مع هذا كلّه أن يكون مراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بيان إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام التي يلزم إيضاح حالها ، والاهتمام بشأنها ، وإعلام كلّ مسلم بها ، لا مجرّد بيان أنّ عليّا محبّ لمن أحببته ، وناصر لمن نصرته ، وهو لا أمر ولا إمرة له!
__________________
(١) الحدج : الحمل ، وهو أيضا مركب من مراكب النساء نحو الهودج والمحفّة ، والجمع : أحداج وحدوج ؛ انظر : لسان العرب ٣ / ٧٧ مادّة « حدج ».