وعلى هذا : فبالنظر إلى خصوص كلّ واحدة من تلك القرائن الحاليّة والمقاليّة ، فضلا عن مجموعها ، لا ينبغي أن يشكّ ذو إدراك في إرادة النصّ على عليّ عليهالسلام بالإمامة ، وإلّا فكيف تستفاد المعاني من الألفاظ؟!
وكيف يدلّ الكتاب العزيز أو غيره على معنى من المعاني؟!
وهل يمكن أن لا تراد الإمامة وقد طلب أمير المؤمنين عليهالسلام من الصحابة بمجمع الناس بيان الحديث ، ودعا على من كتمه؟!
إذ لو أريد به مجرّد الحبّ والنصرة لما كان محلّا لهذا الاهتمام ، ولا كان مقتض لأن يبقى في نفس أبي الطفيل منه شيء ، وهو أمر ظاهر ، ليس به عظيم فضل ، حتّى قال له زيد بن أرقم : « ما تنكر؟! قد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول ذلك له » كما سبق (١) ..
ولا كان مستوجبا لتهنئة أبي بكر وعمر لأمير المؤمنين عليهالسلام بقولهما :
« أصبحت [ وامسيت ] مولى كلّ مؤمن ومؤمنة » (٢) ، فإنّ التهنئة لأمير المؤمنين ، الذي لم يزل محلّا لذكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالفضائل العظيمة ، والخصائص الجليلة ، والمحامد الجسيمة ، إنّما تصحّ على أمر حادث ، تقصر عنه سائر الفضائل ، وتتقاصر له نفوس الأفاضل ، وتتشوّق إليه القلوب ، وتتشوّف له العيون.
فهل يمكن أن يكون هو غير الإمامة ، من النصرة ونحوها ، ممّا هو أيسر فضائله وأظهرها وأقدمها؟!
ولكن كما قال الغزّالي في « سرّ العالمين » : « ثمّ بعد ذلك غلب الهوى
__________________
(١) انظر الصفحة ٣٢٨ من هذا الجزء ، وراجع : مسند أحمد ٤ / ٣٧٠.
(٢) انظر الصفحتين ٣٠٦ و ٣٢٦ من هذا الجزء ، وراجع : مسند أحمد ٤ / ٢٨١.