__________________
الواجب أن يعلم أنّ الذي خرج عنه ممّن يعتبر قول مثله في الإجماع ، ثمّ يعلم أنّ الإجماع لم يتقدّم خلافه ، فابن أبي داود والجاحظ لو صرّحا بالخلاف لسقط خلافهما بما ذكرناه من الإجماع ، خصوصا بالذي لا شبهة فيه من تقدّم الإجماع ، وفقد الخلاف ، وقد سبقهما ثمّ تأخّر عنهما.
على أنّه قد قيل : إنّ ابن أبي داود لم ينكر الخبر ، وإنّما أنكر كون المسجد الذي بغدير خمّ متقدّما ، وقد حكي عنه التنصّل من القدح في الخبر ، والتبرّي ممّا قذفه به محمّد بن جرير الطبري.
والجاحظ أيضا لم يتجاسر على التصريح بدفع الخبر ، وإنّما طعن في بعض رواته ، وأدّعى اختلاف ما نقل من لفظه ، ولو صرّحا وأمثالهما بالخلاف لم يكن قادحا ؛ لما قدّمناه.
انظر : الشافي ٢ / ٢٦٣ ـ ٢٦٤.
ويضاف إلى ذلك أنّ ما طعن به ابن أبي داود ـ لو ثبت ـ معارض برواية أبيه ـ صاحب « السنن » ـ للحديث كما في السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٣٠ ح ٨٤٦٧ وص ١٣٢ ح ٨٤٧٣ وص ١٣٤ ح ٨٤٧٨.
كما إنّ ابن أبي داود كان منحرفا عن الإمام عليّ عليه السلام ، وأشتهر ببغضه له عليه السلام ، وتكلّم فيه جمع من كبار الأئمّة والأعلام وفي مقدّمتهم أبوه ، فقد قال : « ابني عبد الله يكذب » ، حتّى قال ابن صاعد : « كفانا ما قال فيه أبوه ».
انظر : سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.
أمّا طعن أبي حاتم في الحديث فلا يعبأ به ؛ لتعنّته وتسرّعه في الطعن بغير دليل وبدون تورّع ، فقد قال الذهبي فيه : « إذا ليّن رجلا ، أو قال فيه : لا يحتجّ به ، فتوقّف حتّى ترى ما قال غيره فيه ، فإن وثّقه أحد ، فلا تبن على تجريح أبي حاتم ، فإنّه متعنّت في الرجال » ، وقد نسب كتابا للبخاري إلى نفسه ، وما صنعه من أقبح الأشياء وأشنعها!
راجع : سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٠ ، طبقات الشافعية الكبرى ـ للسبكي ـ ٢ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
ثمّ إنّ طعن أبي حاتم معارض برواية ابنه للحديث كما في الدرّ المنثور ٣ / ١١٧ ، والمعروف عند أهل الفنّ أنّ ابنه عبد الرحمن أشهر من أبيه وأوثق