النبوّة؟!
وكيف يدّعيان الإجماع على هذه العصمة حتّى غرّا الخصم بدعوى الإجماع عليها ، إذ جاء بكلامهما بعينه؟!
وهذا كلّه ممّا يدلّ على أنّ كلامهم لم يصدر عن يقين في النقل ، ولا اعتقاد للحقّ ؛ ولذا ناقضا نفسيهما في عصمة الأنبياء عن الكبائر بعد النبوّة ، فإنّهما قالا بها أوّلا ، ثمّ بعد ذلك في مقام نفي أهليّة أبي بكر للخلافة ؛ لأنّه منع فاطمة إرثها وقد ادّعته ، وهي معصومة
لقول النبيّ : « فاطمة بضعة منّي » (١) ، قالا : « وأيضا عصمة النبيّ قد تقدّم ما فيها » (٢).
الأمر الثالث : إنّ ما نسباه إلى الشيعة من جواز إظهار الكفر تقية (٣) ، كذب صريح ، فإنّا لم نسمع ذاهبا منهم إلى ذلك ، وهذه كتبهم بين أيدينا فليروه أصحابهم عن أحدها ، ولعلّهما أخذاه من قول الشيعة بجواز التقية لأتباع الأنبياء ، فقاسوا عليه جوازها في إظهار الكفر من الأنبياء ؛ وهو باطل.
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ / ٩٢ ح ٢٠٩ وص ١٠٥ ح ٢٥٥ وج ٧ / ٦٥ ح ١٥٩ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤١ ، سنن أبي داود ٢ / ٢٣٣ ح ٢٠٧١ ، سنن الترمذي ٥ / ٦٥٥ ـ ٦٥٦ ح ٣٨٦٧ و ٣٨٦٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٤٧ ـ ١٤٨ ح ٨٥١٩ و ٨٥٢٠ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٦ ب ٣٣ ح ١ ، مسند أحمد ٤ / ٥ و ٣٢٣ و ٣٢٨ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٩٤٦ ح ١٣٢٧ وص ٩٥٠ ح ١٣٣٣ ، المعجم الكبير ٢٢ / ٤٠٤ ح ١٠١٠ ـ ١٠١٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٢ ـ ١٧٣ ح ٤٧٤٧ و ٤٧٥١ ، حلية الأولياء ٢ / ٤٠ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٦٤ وج ١٠ / ٢٠١ ، مصابيح السنّة ٤ / ١٨٥ ح ٤٧٩٩.
(٢) المواقف : ٤٠٢ ، شرح المواقف ٨ / ٣٥٦.
(٣) المواقف : ٣٥٩ ، شرح المواقف ٨ / ٢٦٤.