مخالفة الصغيرة لملكة العصمة إن كانت ناشئة من جهة صغر المعصية ، فهي خالية عن دليل ، فلا بدّ من الأخذ بعموم الأدلّة المانعة من صدور كلّ ذنب عنهم حتّى الصغائر!
وإن كانت ناشئة من وقوعها نادرا ، فالكبيرة مساوية لها لو ندرت ، فلا تلزم عصمتهم عن الكبيرة النادرة أيضا ولا خصوصية للصغيرة!
هذا ، وقد خلط الخصم هنا بأمور :
منها : قوله : « والغرض أنّ كلّ ما ذكره هذا الرجل ممّا يترتّب على ذنوب الأنبياء من إبطال حجّة الله تعالى ... » إلى آخره.
فإنّ المصنّف لم يرتّب إبطال حجّة الله سبحانه على ذنوب الأنبياء ، بل على رواية الغرانيق المستلزمة للشرك والدعوة إلى عبادة الأصنام ، اللهمّ إلّا أن يريد الخصم بذنوب الأنبياء ما يعمّ ذلك.
ومنها : إنّه في ذيل كلامه في معنى العصمة عندهم قال : « ولمّا لم يكن خلاف ملكة العصمة فلا مؤاخذة به » ..
فإنّ هذا لا ربط له بتفسير هم للعصمة بأن لا يخلق الله فيهم ذنبا ؛ لأنّ هذا التفسير مقابل للقول بالملكة.
ومنها : قوله : « فإنّ الصفات النفسانية تكون في ابتداء حصولها أحوالا » ..
فإنّه ظاهر في إرادة أنّ صدور الصغائر عن الأنبياء إنّما هو حين كون الصفة حالا لا ملكة ، وهو خارج عن محلّ كلامه في صدور الذنب عنهم حين الملكة ، على أنّ فرض كون صفات الأنبياء في أوّل حصولها أحوالا لا يجامع القول بثبوت ملكة العصمة من أوّل النبوّة ، ولكنّ المؤاخذ بهذا الخلط هو صاحب « المواقف » وشارحها ؛ لأنّ الخصم أخذ منهما قوله :