« ومن قرأ سورة النجم » من لفظ « المواقف » وشرحها (١).
ويرد على الأوّل : إنّه لا يجامع قول جبرئيل : « تلوت ما لم أتله عليك » ، ولا حزن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وخوفه العظيم ، إلّا أن يكون الشيطان قد خلط صوته بصوت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على وجه لم يشعر به هو ولا جبرئيل ولا من أرسله إلى النبيّ بهذا اللوم.
فتأمّل ، فإنّ شأن القوم عجيب!
على أنّه لو أمكن إلقاء الشيطان وخلط صوته بصوت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لفسدت الشرائع ، وما صحّ لهم أيضا أن يحتجّوا بما رووه عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في فضل أوليائهم ؛ لجواز كونه من إلقاء الشيطان.
ويرد على الثاني : إنّه ـ أيضا ـ لا يجامع قول جبرئيل : « تلوت ما لم أتله عليك » ، ولا حزن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنّه بحسب الفرض لم يتل إلّا قرآنا تلاه جبرئيل عليه.
وأمّا قول الخصم : « ومن قرأ سورة النجم وتأمّل في تتابع آياتها ، علم أنّ هذه الكلمات .. » ..
فمتّجه ؛ ولكنّه دليل على كذب الواقعة ، وأنّ رواتها الكذبة أناس لا يعقلون.
وأمّا قوله : « نعم ، يلتئم ذكرها عند ذكر الملائكة ، وهو قوله تعالى : ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ ) (٢) ... » إلى آخره ..
فخطأ ؛ لأنّ قوله تعالى : ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ ) إنّما هو بمعنى الكثير ، فيكون مذكّرا ؛ ولذا قال : ( لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ ) (٣) ، فلا يلائم البلاغة أن
__________________
(١) المواقف : ٣٦٤ ، شرح المواقف ٨ / ٢٧٧.
(٢) سورة النجم ٥٣ : ٢٦.
(٣) سورة النجم ٥٣ : ٢٦.