يشير إليه بما يشار به إلى المؤنّث ، وهو لفظ « تلك » ، لا سيّما بعد أن أعاد عليه ضمير المذكّر ، فقد فرّ عمّا لا يلائم البلاغة إلى ما لا يلائمها!!
ولو سلّم حسن هذه الإشارة للتعبير عن ذلك الكثير بالغرانيق ـ وهو مؤنّث ـ فلا معنى لحكمه بالنسخ للإيهام ، إذ لو وقع بعد قوله تعالى : ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ ) لم يحتمل رجوعه إلى مدح الأصنام ؛ للفصل الكثير ، ولعدم المناسبة التي ذكرها ، فمن أين يحصل الإيهام الموجب للنسخ؟!
على أنّ المرويّ عندهم هو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وحاشاه ـ قرأ تلك العبارة بعد قوله : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ) ومدار الكلام على ذلك ، فكيف يسوغ فرض وقوعها بعد قوله : ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ ... ) الآية؟!
ومن الظريف قوله : « فعلم أنّ ما اعترض عليهم هذا الرجل فهو من باب مفترياته »!!
إذ كيف يكون مفتريا عليهم وهم قد رووا هذه الرواية المشؤومة ، واعتبرها الغالب منهم ، واستدلّ بها من قال منهم بعدم عصمة الأنبياء عن الكبائر؟!
ثمّ إنّ المصنّف رحمهالله لم يزد على أنّ نقل عنهم سهو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في القرآن بما يوجب الكفر ، وظاهر الرواية التي ذكرها الخصم تعمّد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك ؛ لأنّه قرأه بعد ما تمنّى إنزال ما يقرّبه إلى قومه الذي هو من نوع مدح الأصنام ألبتّة ، فيكون متمنّيا للكفر وفاعلا له ، وهذا أسوأ حالا ، فقبّح الله ما جنوه على سيّد النبيّين.