وأمّا ما نسبه إلى القاضي عياض في كتاب « الشفا » فافتراء عليه (١) ؛ لأنّه إنّما قال : « صدق القاضي بكر بن العلاء المالكي (٢) حيث قال : لقد بلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير ، وتعلّق بذلك الملحدون » (٣).
ولو سلّم أنّ ذلك من مفتريات الملاحدة لا أهل السنّة ، فكفاهم نقصا أن يتّبعوا في أخبارهم الملاحدة ويعتبرها علماؤهم.
هذا ، ومن العجب أنّهم يروون ذلك عن النبيّ الذي طهّره الله من الرجس ، ويروون في فضل عمر أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له : « والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّا إلّا سلك فجّا غير فجّك » (٤) ..
__________________
(١) راجع الصفحة ٢٧ من هذا الجزء.
(٢) هو : أبو الفضل بكر بن محمّد بن العلاء بن محمّد القشيري ، من أهل البصرة أوّلا ، وانتقل بعدها إلى مصر ، فغدا من كبار فقهاء المالكيّين فيها ، تقلّد أعمالا للقضاء في بعض نواحي العراق قبل انتقاله إلى مصر لأمر قد اضطرّه ، وكان راوية للحديث ، حدّث عنه كثير من المصريّين والأندلسيّين والقرويّين ، توفّي في مصر سنة ٣٤٤ ه وقد جاوز عمره الثمانين ، ودفن بالمقطّم منها ؛ له مصنّفات عديدة ، منها : كتاب أصول الفقه ، كتاب في مسائل الخلاف ، كتاب الردّ على المزني ، كتاب الردّ على الشافعي ، كتاب الردّ على القدرية ، كتاب الردّ على من غلط في التفسير ، تنزيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
انظر : ترتيب المدارك ٢ / ٢٩٠ ، سير أعلام النبلاء ١٥ / ٥٣٧ رقم ٣١٦ ، العبر ٢ / ٦٧ ، شذرات الذهب ٢ / ٣٦٦.
(٣) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ١٢٥ ، وانظر : شرح الشفا ـ للقاري ـ ٢ / ٢٢٦ ، نسيم الرياض ٤ / ٩٦ وفيه : « أبو بكر » بدلا من « بكر » ، وهو تصحيف ، راجع الهامش السابق.
(٤) صحيح البخاري ٤ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ح ١٠٢ وج ٥ / ٧٦ ح ١٨٠ ، صحيح مسلم ٧ / ١١٥ ، مسند أحمد ١ / ١٧١ و ١٨٢ ، فضائل الصحابة ١ / ٣٠٠ ح ٣٠١ وص ٣١٤ ح ٣٢٦ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٨٢ باب ١٦ ح ٣٢ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٨ / ١٤٧ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٦٨ ـ ٥٦٩ ح ١٢٥٣ و ١٢٥٤ و ١٢٦٠ ، مسند أبي يعلى ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ح ٨١٠.