عمّا كان بصورة البنات من الناس ، وقد جمعت رواية البغوي السابقة بين ذكر البنات والفرس ، وهي التي ذكرها الخصم على الظاهر ، لكنّه تصرّف فيها بإسقاط لفظ البنات ليروّج مطلبه في الجملة!
وأمّا قوله : « وهيئة الفرس لا تسمّى صورة ؛ لأنّ الأطفال ... » إلى آخره ..
ففيه : إنّ الصورة هي : الشكل ، كما في القاموس (١) ، فتكون الهيئة منها ، وتعليله لا وجه له ؛ لأنّ عائشة لم تكن صغيرة حين اللعب بالأفراس ، بل كانت بنت سبع عشرة تقريبا على رأيهم ، لما سبق من تصريح رواية البغوي بلعبها بها بعد إحدى الغزاتين.
ولو سلّم أنّها كانت ـ حينئذ ـ صغيرة ، فمن الإزراء بحقّها أن ينسب إليها العجز عن تصوير الصورة ؛ لما زعموا أنّها في غاية الذكاء ، ومن تقدر في كبرها على قيادة الحرب العظيمة لا تعجز في صغرها عن تصوير الصورة!!
ولو سلّم عجزها ، فهو لا يقتضي عدم كمال هيئة الفرس ، بحيث لا تسمّى صورة ؛ لجواز أن يكون غيرها قد صنعها لها.
ولا تخفى ظرافة تسميته لها طفلا وقد تزوّجت وبلغت سنّ النساء!
وأمّا قوله : « ولا حرمة في عمل اللعبة على هيئة الخيل » ..
فباطل ؛ لإطلاق أخبارهم المستفيضة (٢) في حرمة تصوير ذوات
__________________
(١) القاموس المحيط ٢ / ٧٥ مادّة « صور ».
(٢) وعدم وجود ما يصلح أن يكون مخصّصا أو مقيّدا لتلك الأخبار ، سوى ما ورد في رواية أبي طلحة ـ المروية في صحاحهم ، وقد تقدّم تخريجها في الصفحة ٦٤ _