وبعد زوال النفوذ السلجوقي واستقلال الخلافة سنة ٥٥٢ ه / ١١٥٧ م (١) ، أصبح الخليفة هو الذي يعين ولاة واسط (٢). ويبدو أن الخلفاء العباسيين في هذا العصر كانوا قد أبقوا كثيرا من مظاهر الحكم والإدارة التي كانت مطبقة في العصر السلجوقي ، ففي بداية هذا العصر تشير المصادر إلى أن الخلفاء العباسيين أخذوا بنظام الإقطاع الحربي في إدارة واسط ، فاقطع الخلفاء هذه الولاية إلى كبار الأمراء المماليك الذين نشأوا في قصور دار الخلافة ببغداد (٣) وقد ترتب على هؤلاء المقطعين واجبات مالية وعسكرية ، فقد ذكر ابن الأثير أنه في سنة ٥٥١ ه / ١١٥٦ م أرسل السلطان السلجوقي محمد بن محمود بن ملكشاه إلى الخليفة المقتفي لأمر الله يطلب منه أن يخطب له في العراق ، إلا أن الخليفة لم يستجب له ، عندئذ سار السلطان من همذان بعساكر كثيرة ونزل على بغداد وحاصرها ، فاستعد الخليفة لدفعه عن بغداد ، ثم أرسل إلى أمراء الأطراف فأمرهم
__________________
(١) أما ولاية واسط فقد استقلت عن نفوذ السلاجقة قبل هذا التاريخ ، فبعد وفاة السلطان مسعود سنة ٥٤٧ ه أراد الخليفة المقتفي لأمر الله (٥٣٠ ـ ٥٥٥ ه) أن يتخلص من السيطرة السلجوقية فبدأ بفرض سيطرته على مدن العراق التي كان يتولى أمرها السلاجقة أو نوابهم ، فأرسل سنة ٥٤٧ ه وزيره عون الدين بن هبيرة إلى الحلة فاستولى عليها ، ثم واصل الوزير جهوده في استعادة مدن العراق الأخرى فسير في هذه السنة جيشا إلى واسط واستولى عليها ، وقد حاول السلطان ملكشاه استعادة نفوذ السلاجقة على واسط ، فأعدّ جيشا في هذه السنة وسيره نحو واسط واستولى عليها وطرد عسكر الخليفة منها ، فلما بلغ الخليفة هذا النبأ خرج بنفسه على رأس جيش إلى واسط واستولى عليها وطرد منها أمراء السلاجقة ، ثم قلّد خطلبرس منصب الشحنة فيها وعاد إلى بغداد. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ١٦١ ، ١٦٢. ابن الجوزي ، المنتظم ، ١٠ / ١٤٨. سبط ابن الجوزي ، مرآة الزمان ، ج ٨ ، ق ١ ، ٢١٢ ، ٢١٣. الذهبي ، العبر ، ٤ / ١٢٩. ابن كثير ، البداية والنهاية ، ١٢ / ٢٢٩.
(٢) ابن الجوزي ، المنتظم ، ١٠ / ١٤٨.
(٣) الأيوبي ، مضمار الحقائق وسر الخلائق ، ١٤ ، ١١٨ ، ١٧٠ ، ١٧١. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١١ / ٣٢٨ ، ٣٩٥. ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ١٢٩. العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٢ ، ج ٢١ ، ورقة ٣٩٩.