وبما أن القاضي لا يستطيع النظر في أمر جميع المدن والأماكن التي كان يتولاها فقد كان يستخلف شخصا يقوم بالقضاء بواسط نيابة عنه (١) إلا أن المصادر لا تذكر كيف كان يتمّ تقليد هؤلاء القضاة ، فهل كان يتمّ تعيينهم بتخويل شخصي من القاضي الأصيل أم من الخليفة أو قاضي القضاة؟ ولكن نظرا لأهمية هذا المنصب الديني فالراجح أن تعيين نائب القاضي بواسط كان يتم بتخويل شخصي من القاضي الأصيل بعد أخذ موافقة الخليفة (٢) أو قاضي القضاة على تعيينه.
ومع أن الفقهاء يرون أن نائب القاضي لا يحكم ، وإنما يسمع البينة من الخصوم ثم يسمع الشهود ، ويكتب الإقرار ويرفع ذلك إلى القاضي الأصيل ليحكم بموجبه (٣) ، والراجح أن هذا الإجراء يكون ببغداد لأن نائب القاضي يكون قريبا من القاضي الأصيل ، إلا أنه لا ينطبق على نائب القاضي بواسط لبعد المسافة وصعوبة المواصلات آنذاك.
لم نجد في المصادر ما يشير إلى وجود أكثر من قاض واحد بواسط حتى أواخر القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي ، فقد ذكر ابن الجوزي أن القاضي أبا تغلب عبيد الله بن أحمد بن جعفر (ت ٤١٠ ه / ١٠١٩ م) كان نائبا عن القاضي أبي خازم محمد بن الحسن الواسطي (٤) في الجانب
__________________
(١) ذيل (مخطوطة) ج ٢ ، ق ١ ، ورقة ٣٨ ، ١٥٤ ، ١٥٥. الذهبي ، المختصر المحتاج إليه ، ١ / ١٩٧. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ١٠ / ٧٢. ابن الساعي ، الجامع المختصر ، ٩ / ٢٠٤. المنذري ، التكملة ، ٢ / ١٧. أبو شامة ، الذيل على الروضتين ، ٥٥.
(٢) يقول الخصاف : «لو أن قاضيا استخلف رجلا فقضى بين الناس لم يجز ذلك ، لأن الخليفة إنما فوض التصرف إليه برأيه لا برأي غيره ، فلا يكون له أن يستخلف إلا إذا فوض إليه الخليفة ، ذلك شرح أدب القاضي (مخطوطة) ورقة ١٠٢ ، ١٠٣.
(٣) ابن مازة ، شرح أدب القاضي (مخطوطة) ورقة ، ١٠٢ ، ١٠٣. السمناني ، روضة القضاة ، ١ / ١٤٥.
(٤) تقلد القضاء بواسط من سنة ٣٩٠ ـ ٤١١. المنتظم ، ٧ / ٢٠٨ ، ٨ / ٦٠.