وسار نحو واسط واستولى عليها في رمضان من هذه السنة (١). أما البريديون فقد تركوا المدينة وساروا إلى البصرة (٢). ويظهر أن أحمد بن بويه كان يسعى لكسب رضا أهل واسط لكي يتخذ من هذه المدينة قاعدة لا حتلال بغداد وليأمن مؤخرته ، فقام في أثناء إقامته بواسط بتخفيف الضرائب عن أهلها «وعدل عليهم في الخراج» (٣).
سار أحمد بن بويه من واسط على رأس جيش قاصدا بغداد للاستيلاء عليها ، فلما علم توزون بقدومه ، خرج إليه من بغداد على رأس جيش لصدّ قواته ، فاشتبك الفريقان في عدة معارك دامية عند «قباب حميد» (٤) استمرت تسعة أيام انتصر فيها توزون ، وعاد أحمد بن بويه منسحبا إلى الأحواز في ٤ ذي الحجة سنة ٣٣٢ ه / ٢٩ تموز ٩٤٣ م (٥).
ويبدو أن العلاقة بين توزون وأبي القاسم بن أبي عبد الله البريدي ـ الذي خلف أباه في رئاسة البريديين ـ كانت غير ودية في هذه الفترة ، فقد جاء في كتاب العيون والحدائق أن توزون بعد أن انتصر على أحمد بن بويه قلّد تكين الشيرزادي واليا على واسط (٦).
__________________
(١) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٥٨. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٥٠ ، ٧٦ ، ٧٧. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٣٧. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٤٠٨ ، ٤١٧.
(٢) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٥٥. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٤١٧.
(٣) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٥٩.
(٤) قباب حميد : نسبة إلى حميد بن قحطبة بن شبيب الطائي أحد قادة العباسيين ، خرج مع عبد الله بن علي على الخليفة المنصور في الشام إلا أنه ترك عبد الله وانضم إلى جيش أبي مسلم الخراساني قبل الحرب ، ولاه المنصور على الجزيرة سنة ١٣٧ ه ثم ولاه على مصر ، وعزله سنة ١٤٣ ه. انظر : الطبري ، ٧ / ٤٧٥ ، ٤٩٦ ، ٥١٥.
(٥) الصولي ، أخبار الراضي بالله ، ٢٦١ ـ ٢٦٣. مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ٧٦ ـ ٧٨. الهمداني ، تكملة ، ١ / ١٣٨ ، ١٣٩. إلا أنه يذكر أن المعارك استمرت بضعة عشر يوما. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٨ / ٤٠٨.
(٦) المؤلف مجهول ، ج ٤ ، ق ٢ ، ١٣٩.