على أن الأمور لم تستقر لابن فسانجس بواسط ، فقد أعدّ الخليفة جيشا وأسند قيادته إلى عميد العراق الكندري وسيره نحو واسط ، فلما علم ابن فسانجس خرج لمحاربته ، وقد درات بين الفريقين معركة حامية خارج المدينة هزم فيها ابن فسانجس وهرب إلى البطيحة ، فتقدم عميد العراق وتسلم المدينة ، وأمر بطم الخندق وهدم السور (١).
انتهز ابن فسانجس فرصة مسير عميد العراق إلى بغداد فسار على رأس جيشه واستولى على واسط ، وقتل جماعة من أهلها ، وأعاد الخطبة للخليفة الفاطمي على منابرها (٢) ، وأمر أن يصبغ المسجد الجامع بواسط باللون الأبيض الذي هو شعار الفاطميين وضرب النقود باسم المستنصر بالله الفاطمي (٣). وأمر سكانها بإعادة بناء السور (٤). فلما علم عميد العراق كتب إلى منصور بن الحسين (٥) يأمره بالمسير إلى واسط واسترجاعها من ابن فسانجس (٦).
سار منصور في سنة ٤٤٩ ه / ١٠٥٧ م من المذار ونزل بقواته على واسط ، وحاصرها في البر والماء ، فقلّت الأقوات وغلت الأسعار ، واشتد الحال بأهل واسط ، وضجروا من الحصار ، وبعد أن أدرك ابن فسانجس عجزه عن الدفاع عن المدينة ، خرج للقتال ، فدارت بين الفريقين معركة حلت الهزيمة فيها بابن فسانجس ، وقتل عدد كبير من أهل واسط ، واستأمن
__________________
(١) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٦٢٤. سبط ابن الجوزي ، مرآة الزمان ، ص ١١ (طبعة أنقرة).
(٢) ابن الجوزي ، المنتظم ، ٨ / ١٧٣. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٦٢٤. سبط ابن الجوزي ، مرآة الزمان ، ١٣ (طبعة أنقرة).
(٣) سبط ابن الجوزي ، مرآة الزمان ، ١٣ (طبعة أنقرة).
(٤) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٦٢٤.
(٥) يفهم مما جاء عند ابن الأثير أن منصور بن الحسين كان واليا على واسط من قبل السلاجقة. ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٦٢٤.
(٦) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٦٢٤.