أضمر اللّام في الفعلين الأخيرين لمّا ذكرها في أول الكلام ، فكأنّه قال : فليأزلنّ ولتبكؤنّ لقاحه وليعلّلنّ صبيّه بسمار. وقد يجوز عند البصريين أن يكون أدخل النون في الفعلين الأخيرين ضرورة ، لأنّ الشعراء قد يدخلون هذه النون ضرورة في الواجب ، وإنّما حكمها أن تدخل فيما ليس بواجب ، فأمّا إدخالها في الواجب ضرورة فنحو قول الشاعر :
ربّما أوفيت في علم (١) |
|
ترفعن ثوبي شمالات |
في فتوّ أنا رابئهم |
|
من كلال غزوة ماتوا |
__________________
وجاء في تاج العروس (مادة : بكأ) : قال أبو مكعب الأسدي :
فليضربنّ المرء مفرق ماله |
|
ضرب الفقار بمعول الجزّار |
وليأزلنّ وتبكؤن لقاحه |
|
ويعلّلن صبيّه بسمار |
ونسبه في (مادة : أزل) إلى أبي مكعت الأسدي ، وكان قد ذكر في (مادة : كعب) أن أبا مكعب الأسدي ، بتشديد العين ، من شعرائهم ، وقيل إنه أبو مكعت ، بتخفيف العين وبالتاء. وقال في مادة (كعت) : أبو مكعت كمحسن شاعر معروف من بني أسد ، واسمه منقذ بن حنيس ، وقيل الحارث بن عمرو ، قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنشده.
(١) العلم : الجبل. وشمالات : ج الشمال من الرياح. وفتوّ ، على وزن فعول ، جمع فتى ، كفتيّ ، على وزن عصيّ. وربأ : ارتفع. وربأ للقوم : صار رابئا وربيئا وربيئة لهم أي طليعة لهم يعتلي شرفا أو جبلا ينظر لهم منه. والكلال : التعب.