زيد منطلق ، على إلغاء الظن وقد بدأت به. وكذلك موقع إنّ في إلّا إن كانت كما زعم مركّبة من حرفين. فإلغاؤها غير جاتز. والرفع بها خطأ ، لتقدّم إنّ وإجماع العرب والنحويين على إجازة : ما قام القوم إلّا زيد. وقول الله تعالى : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)(١) فالرفع يدلّ على فساد ما ذهب إليه الفرّاء (٢). وقد أجاز الفراء أيضا الرفع بعد إلّا في الموجب ، فأجاز : قام القوم إلّا زيد ، وانطلق أصحابك إلّا بكر ؛ قال : أرفعه على إلغاء إنّ والعطف بلا. وقد بيّنت لك فساد هذا الوجه ، وهو لحن عند البصريين ، وقد استعمله كثير من الشعراء
__________________
لدينا منك تنويل في موضع المفعول الثاني. أو على تقدير لام الابتداء كقوله :
كذاك أدّبت حتى صار من خلقي |
|
أني وجدت ملاك الشيمة الأدب |
التقدير : أني وجدت لملاك الشيمة الأدب ، فهو من باب التعليق وليس من باب الالغاء.
وذهب الكوفيون ، وتبعهم أبو بكر الزبيدي وغيره إلى جواز إلغاء المتقدّم ، فلا يحتاجون إلى تأويل البيتين.» ١ : ٨٨ ـ ٨٩.
(١) انظر الحاشية ٢ ص : ١٣.
(٢) قال الفراء : «والوجه في إلّا أن ينصب ما بعدها إذا كان ما قبلها لا جحد فيه ، فاذا كان ما قبل إلا فيه جحد جعلت ما بعدها تابعا لما قبلها ، معرفة كان أو نكرة ... وقال الله تبارك وتعالى : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) لأن في (فَعَلُوهُ) اسما معرفة فكان الرفع الوجه في الجحد الذي ينفي الفعل عنهم ويثبته لما بعد إلّا. وهي في قراءة أبيّ (ما فعلوه إلا قليلا منهم) كأنه نفى الفعل وجعل ما بعد إلّا كالمنقطع عن أول الكلام ...» معاني القرآن ١ : ١٦٦.